تراجع المؤشر الرئيس للأسهم التركية نحو اثنين في المئة بعد تأخر التداول بسبب عطل فني، في حين أعرب محللون عن خشيتهم من هروب الاستثمارات من تركيا مع استمرار الاحتجاجات المناهضة لرئيس الحكومة رجب طيب أردوغان لليوم العاشر على التوالي. وانصب اهتمام المستثمرين على تحذير أردوغان مطلع الأسبوع المتظاهرين المعارضين بأن لصبره حدوداً. ونزل المؤشر الرئيس 1.82 في المئة متأثراً بانخفاض قطاع المصارف 1.92 في المئة. وأكد أردوغان أن أسواق المال التركية تتعرض للهجوم على أيدي المضاربين المحليين والدوليين، وحضّ الناس على وضع أموالهم في المصارف الحكومية بدلاً من الخاصة. وأضاف: إذا انهارت بورصة إسطنبول (...) ستكونون أنتم (المضاربون) تحت الركام (...) لا طيب أردوغان. ويخشى عدد من المحللين من هروب الاستثمارات الأجنبية من تركيا مع تواصل الحركة الاحتجاجية، في حين أكد الصراف شاهين أوزجيتنكايا (53 سنة) من مكتبه في إسطنبول أن «لا يمكن أي اقتصاد في العالم أن ينمو في الفوضى»، ومنذ المواجهات في ساحة تقسيم، القريبة من محله، تراجع عمله نحو 66 في المئة. وقال: «الجميع سيتأثر بهذه الاضطرابات، من المصارف إلى أسواق المال إلى العمال وأخيراً أصحاب العمل». وعلى رغم أن البورصة عوّضت بعض خسائرها، إلا أن محللين يتساءلون عن احتمال بدء هروب المستثمرين الأجانب الذين كان لهم الدور الأبرز في تنشيط الاقتصاد التركي الذي حقق نسبة نمو ممتازة. وبعد الأزمة المالية في البلاد عام 2001 دخل الاقتصاد التركي مرحلة تزايد النمو الذي بلغ أكثر من ثمانية في المئة عامي 2010 و2011، ما أتاح مضاعفة إجمالي الناتج المحلي على أساس الفرد ثلاث مرات. واعتبر أردوغان أن النمو الاقتصادي السريع الذي تحقق في عهده، وانتقال المجتمع التركي إلى مجتمع استهلاكي كبير، من أبرز إنجازات حكمه، كما لم يتردد في تحميل «إرهابيين» مسؤولية الأحداث الأخيرة معتبراً أنهم مدفوعون من الخارج. وكان أشار إلى «التقدم الكبير في البناء والإنتاج وتعزيز قوة تركيا على رغم لوبي نسب الفوائد، ويعتقدون أنهم قادرون على تهديدنا عبر المضاربة في الأسواق، ولكن يجب أن يعرفوا أننا لن نسمح لهم بأن يتغذوا من عرق هذه الأمة». ولا يخفي محللون ماليون خشيتهم من هذا الخطاب المتشدد لأردوغان، إذ تراجعت البورصة خمسة في المئة بعد كلمة نارية ألقاها من تونس الأسبوع الماضي، لتعود وتتحسن في اليوم التالي عقب لهجة تصالحية. ولفت الخبير في «فايننس بنك» دنيز تشيشيك إلى «أن خطاب أردوغان المتشدد أحدث خيبة أمل في أوساط المتعاملين في الأسواق، كما أن تمسكه بموقفه المتشدد قد يؤدي إلى ضرب الاستثمارات في البلاد خصوصاً في حال حصول أي تدخل عنيف من قبل الشرطة ضد المتظاهرين». وكانت وكالة «فيتش» أكدت نهاية الأسبوع الماضي أن «انعكاس التظاهرات على الاقتصاد ما زال ضعيفاً، ولا يؤثر في التصنيف الحالي لتركيا (بي بي بي)، في مجال الاستثمار». وكان وزير الداخلية معمر غولر قدر الخسائر الاقتصادية لحركة الاحتجاج حتى الآن بنحو 70 مليون ليرة (نحو 37 مليون دولار)، وهو مبلغ بسيط جداً مقارنة بإجمالي الناتج المحلي البالغ 770 بليون دولار. ولكن الوكالة حذرت السلطات التركية من أن «كل شيء يرتبط بطريقة تعاطي السلطات مع المتظاهرين، وفي حال حصل تدهور فإن الوضع قد ينعكس سلباً على الاقتصاد». وأكد عثمان ايرين (33 سنة) من مكتبه في إسطنبول أن على أردوغان إعادة النظام إلى البلاد، وأضاف: «دعمت المتظاهرين خلال اليومين الأولين، أما الآن فتغير الوضع، وفي حال تواصلت الاضطرابات فسيفقد الناس وظائفهم، وأطالب الشرطة بأن تبعد المتظاهرين عن الساحة، فمستقبلي اليوم بات على المحك».