«سأم الشباب الأميركيين من «فايسبوك» Face Book بات ظاهرة واسعة في الولاياتالمتحدة، وهو أمر مقلق بالنسبة إلى هذا الموقع لأن ما يبدأ في أميركا يصعب أن يستمرّ محصوراً فيها». قبل أيام قليلة، راجت هذه الكلمات وما يشبهها لتصف ما يصرّ بعض خبراء المعلوماتية والاتصالات على أنه مأزق مفصلي لشبكة «فايسبوك». وفق بيانات مستقّلة، يخسر «فايسبوك» ملايين المستخدمين شهريّاً، في أسواقه الغربيّة الكبرى، فيما تجذب شبكات التواصل الاجتماعي البديلة انتباهَ أولئك الذين يبحثون عن ساحة مبتكرة للعب على الإنترنت. وجدير بالذكر أنّه فيما يستعدّ «فايسبوك» لإطلاع المستثمرين على أدائه ماليّاً في الفترة الأخيرة، ومع توقّع المحللّين زيادة العائدات بنسبة 36 في المئة عن العام الفائت، تقترح دراسات كثيرة أنّ انتشار «فايسبوك» في الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، وبلدان أوروبيّة أخرى كبيرة، بلغ ذروته، بمعنى أنه بلغ حدّ التشبّع الذي غالباً ما يليه انخفاض قوي. ثمة تفاصيل واضحة في ظاهرة انصراف الشباب الغربي عن «فايسبوك». خلال آذار (مارس) 2013، خسر «فايسبوك»، وهو أكبر شبكة تواصل اجتماعي رقمي عالميّاً، قرابة 6 ملايين زائر من الولايات المتّحدة الأميركيّة. تبلغ نسبة هذا الانخفاض قرابة 4 في المئة، وفق ما أعلنته مؤسسة متخصّصة بتحليل بيانات شبكات التواصل الاجتماعي هي «سوشيل بايكرز» Social Bakers، على موقعها الشبكي. في المملكة المتّحدة، خسر «فايسبوك» 1.4 مليون مستخدمٍ لم يسجّلوا حركة دخول على صفحاتهم خلال آذار الفائت أيضاً، وهو انخفاض بنسبة 4.5 في المئة. ومنذ مدّة، يستمرّ «فايسبوك» في تسجيل انخفاضات في أعداد المستخدمين. وخلال الشهور الستّة الماضية، خسر «فايسبوك» قرابة 9 ملايين زائرٍ شهريّ في الولايات المتّحدة، ومليوني زائرٍ في المملكة المتّحدة. إضافة إلى هذا، يتّجه مستخدمون كُثُر في كندا، وإسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، واليابان، وهي بلدان تمتّع «فايسبوك» فيها بأعداد كبيرة من المتابعين، إلى استخدام مواقع أخرى. وفي هذا الصددّ، رفضت متحدّثة باسم «فايسبوك» التعليق على هذا الموضوع، عندما استفسرتها عنه مجلة ال «غارديان» البريطانيّة الشهيرة. شبكات اجتماعية للخليوي في سياق متّصل، أعرب إيان مود، وهو خبير في مجال الإعلام الجديد في شركة «إندرز أناليسيز» Under Analysis، عن اعتقاده بأن مشكلة «فايسبوك» تكمن في أنّ معظم الأشخاص الذين يرغبون في التسجيل فيه في الولايات المتّحدة والمملكة المتّحدة، همّ مسجّلون فيه فعليّاً. وأشار مود إلى أهمية عامل الملل الذي يدفع الأشخاص نحو تجربة شيءٍ جديد. ثم طرح مود سؤالاً عن أن يسير «فايسبوك» في المسار الذي سلكه قبله موقع «ماي سبيس» My Space، مُلاحِظاً أن هذا الخطر ضئيل نسبيّاً، لكّنه يتمتع بنسبة من الحظّ أيضاً. في المقلب الآخر من هذه الصورة، سجّل موقع «أنستاغرام» instagram، وهو أحد شبكات التواصل الاجتماعيّ الرقمّي التي ترتكز في عملها على تبادل الصور ومُشاركتها، أنه جذب 30 مليون مستخدمٍ خلال 18 شهراً الأخيرة، قبل فترة وجيزة من شرائه من قِبَل «فايسبوك»، ما أشار إلى أن طريقة عمله حظيت بشعبيّة كبيرة بين الفئات العمريّة الشابة والصغيرة. من جهة أخرى، تجذب الشبكة الاجتماعيّة «باث. كوم» Path.com التي تستخدم الهواتف الذكيّة كأساس في عملها، أعداداً تتزايد باستمرار. وتحدّد «باث. كوم»، التي ابتكرها دايف مورين، 150 صديقاً كحدّ أقصى لكلّ مستخدم. وعمل مورين موظّفاً في «فايسبوك»، قبل أن يستقل بشركته التي باتت تجتذب مليون مستخدم أسبوعيّاً. ويعتقد أن عدد مستخدميها وصل أخيراً إلى ما يزيد على 9 ملايين مستخدم، مع ملاحظة أن نصف مليون شاب فنزويليّ يحمّلون هذا التطبيق أسبوعيّاً. وما زال انتشار «فايسبوك» في حال توسّع سريع في أميركا الجنوبيّة. ففي تلك القارة، ارتفع عدد زوار «فايسبوك» شهريّاً بنسبة 6 في المئة في البرازيل خلال الشهر الفائت ليبلغ قرابة 70 مليون زائر، وفق شركة «سوشيل بايكرز» التي يستقي منها كثير من المُعلِنون على «فايسبوك» معلوماتهم. في سياق مماثل، شهدت الهند ارتفاعاً في عدد مستخدمي «فايسبوك» بنسبة 4 في المئة ليصل عدد مستخدميه هناك إلى قرابة 64 مليون مستخدم، على رغم أن هذا الرقم يشكّل جزءاً صغيراً من عدد سكّان الهند، الأمر الذي يفسح المجال أمام «فايسبوك» لجذب مزيد من المستخدمين. غير أنّه في كثير من الأسواق المتطوّرة في الغرب، يتحدّث بعض المتتبّعين لأحوال «فايسبوك» عن تسجيل مزيد من الانخفاض في أعداد المستخدمين. وفي هذا الصدّد، طوّر محلّلون في مصرف «جيفيريز» جداول عددية خوارزميّة تتفاعل مباشرةً مع برنامج «فايسبوك»، فأظهرت انخفاضاً في معدّل المستخدمين من النوع الذي يحدث بعد بلوغ المواقع الذروة في تدفّق الناس إليها. إضافة إلى هذه الوقائع، راقب مصرف «جيفيريز» بلوغ الأرقام العالميّة ذروتها، مع وصول عدد المستخدمين خلال كانون الثاني(يناير) إلى 1.05 بليون مستخدمٍ شهريّاً، قبل خسارة 20 مليون مستخدمٍ خلال شباط (فبراير). وارتفعت الأرقام من جديد في نيسان (أبريل) 2013. وتجدر الإشارة إلى أنّ شبكة «فايسبوك» خسرت حتّى الآن، قرابة مليوني زائرٍ في المملكة المتّحدة، وفق ما أعلنته شركة «نيلسن للأبحاث»، مع استقرار مجموع المستخدمين عند 27 مليون مستخدمٍ منذ العام المنصرم.