اشتد التنافس بين الأحزاب التونسية في آخر أيام الحملة الانتخابية الاشتراعية المقرر عقدها الأحد المقبل، فيما تعهد الإسلاميون تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف السياسية في حال فوزهم في الانتخابات. وشهد الشارع التونسي حركة سياسية نشطة من خلال تحرك الاحزاب والقوائم المرشحة للانتخابات التشريعية. وكثّف المترشحون اتصالاتهم بالناخبين في الشوارع والأسواق والمحال التجارية والمقاهي، علماً أن تصويت التونسيين في المهجر (6 دوائر انتخابية) ينطلق اليوم. وشهدت مداخل المدن الكبرى ومفترقات الطرق الرئيسة والمناطق الحدودية تعزيزات أمنية وعسكرية ضخمة تحسباً لأي مشكلة أمنية. وكانت السلطات التونسية حذرت من «عمليات ارهابية» قد تستهدف العملية الانتخابية والمسار الانتقالي في البلاد. وقال رئيس حركة «النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي إن «حركته تتمسك بتشكيل حكومة توافقية بعد الانتخابات حتى في حال فوزها بغالبية المقاعد في مجلس نواب الشعب»، مشدداً على أن المرحلة المقبلة تتطلب تضافر جهود جميع الأطراف لتمكين الحكومة المقبلة من تحقيق التنمية والقيام بالإصلاحات اللازمة في القطاعات الكبرى. وأضاف الغنوشي خلال اجتماع جماهيري لحركته في محافظة نابل شرق البلاد: «نحن أول حزب إسلامي ديموقراطي ولو طُلب منا تغيير اسم الحزب فسيكون حتماً بالتوافق لأن الدين الاسلامي دين توافق وديموقراطية ودين يحارب الديكتاتورية والاستبداد»، على حد تعبيره. وأعرب الغنوشي عن ثقته بأن حركته ستفوز في الانتخابات المقبلة، لأنها «الحزب الأكثر تنظيماً وحضوراً في كل محافظات البلاد»، مشيراً إلى أن حركته «أنقذت تونس وتنازلت عن الحكم لتبقى الشجرة الوحيدة الشامخة في غابة الربيع العربي». لكن دعوات الإسلاميين لتشكيل حكومة وحدة وطنية لم تلقَ قبولاً لدى خصومهم العلمانيين، إذ أكد رئيس حركة «نداء تونس» (اكبر حزب معارض للنهضة) الباجي قائد السبسي، في تجمّع شعبي في محافظة بن عروس (الضاحية الجنوبية للعاصمة تونس) أن حزبه «لن يدخل في تحالف مع حركة النهضة بعد الانتخابات، بل سيتحالف مع الاحزاب الديموقراطية القريبة منه». كما أبدى قائد السبسي ثقته في الفوز بالانتخابات التشريعية والرئاسية داعياً الى التصويت بكثافة لقوائم حزبه «لإنقاذ البلاد من خطر الإسلاميين». ويُعتبر رئيس حركة نداء تونس من أبرز المرشحين الى الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها قبل نهاية الشهر المقبل. ويرى متابعون للشأن التونسي أن نتائج الانتخابات المقبلة لن تفرز غالبية برلمانية مطلقة تتجاوز 50 في المئة من المقاعد، ما سيدفع الكتل الإسلامية والعلمانية الكبرى إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضم كل الأطراف. وحذرت قيادات سياسية وجمعيات مدنية من «تلاعب محتمل» بنتائج الانتخابات، بخاصة بعد تقارير رُفعت إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول «اختراق حركة النهضة الهيئة الانتخابية ومراكز الاقتراع في عدد من محافظات البلاد». يُذكر أن جامعة الدول العربية ومركز كارتر لمراقبة الانتخابات أرسلا بعثات مراقبة للاستحقاق التونسي، إضافة الى آلاف المراقبين التابعين للأحزاب والجمعيات التونسية. في سياق متصل، أعلنت وزارة التعليم التونسية أمس، «وقف الدروس في المدارس الابتدائية والثانوية ابتداء من يوم الجمعة إلى الاثنين المقبل»، إذ تحتضن المؤسسات التعليمية والتربوية غالبية مراكز الاقتراع خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية.