قبل يومين من انطلاق التصويت داخل تونس، بدأ التونسيون المقيمون في دول عربية وأوروبية وأميركية بالإدلاء بأصواتهم أمس، في أول انتخابات رئاسية تعددية في تاريخ البلاد، فيما أعلنت الحكومة التونسية إنشاء وكالة استخباراتية للأمن والدفاع لمكافحة الإرهاب والجريمة وحماية الحدود. وتستعد تونس غداً للاقتراع الرئاسي الذي يتم بمشاركة 22 مرشحاً، من بينهم امرأة، ويشتد فيه التنافس الانتخابي بين مرشح حزب «نداء تونس» العلماني الباجي قائد السبسي والرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي. ودعا المرزوقي في خطاب أمام أنصاره أمس، إلى انتخاب رئيس «يضمن التوازن بين السلطات ويمنع تجميعها بيد حزب واحد»، داعياً الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف بعد الانتخابات الرئاسية. من جهة أخرى، أعرب مرشح «نداء تونس» (الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية) الباجي قائد السبسي عن استعداده للتشاور مع حركة «النهضة» الإسلامية حول المرحلة المقبلة، وقال: «لن نتحالف مع حركة النهضة لكن موازين القوى في البرلمان تفرض علينا التعامل والتشاور معها». ورأى مراقبون أن هذا التصريح بمثابة إشارة الى مستقبل علاقة السبسي، ب «النهضة» التي تملك ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد حزب «نداء تونس» (69 مقعداً)، بخاصة بعد كلام الناطق باسم «النهضة» زياد العذاري أول من أمس، الذي أبدى فيه استعداد حركته للتشاور حول حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطراف السياسية. ويذكر أن حركة «النهضة» لم تقدم مرشحاً من صفوفها للانتخابات الرئاسية، بل أعطت حرية التصويت لأنصارها. ويتمتع المرزوقي بدعم قطاعات واسعة من أنصار «النهضة» باعتباره «الأقدر على منع عودة النظام السابق» في إشارة الى حزب «نداء تونس» ومرشحه السبسي. وكانت الانتخابات البرلمانية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أسفرت عن فوز حزب «نداء تونس» العلماني ب 86 مقعداً من أصل 217، فيما تراجع الإسلاميون إلى المركز الثاني في أول انتخابات نيابية بعد إقرار دستور الجمهورية الثانية في كانون الثاني (يناير) الماضي. وفي سياق متصل، أكد الناطق باسم الحكومة التونسية نضال الورفلي، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، تواصل التهديدات التي تستهدف المسار الانتخابي في البلاد. وأضاف أن «السلطات كثفت العمليات الاستباقية التي أدت إلى اعتقال عدد من الإرهابيين ومَن يدعمهم». وكانت السلطات التونسية قررت إغلاق المعابر الحدودية مع الجزائر (غرب البلاد) وليبيا (جنوب البلاد) لمدة 4 أيام إلى حين انتهاء عملية الاقتراع الرئاسي، مع السماح بدخول البعثات الديبلوماسية والحالات الإنسانية، إضافة الى تكثيف الحماية الأمنية حول مكاتب الاقتراع. وأعلنت وزارة الداخلية في بيان أن وحداتها الأمنية في محافظة سيدي بوزيد (وسط) تمكنت من إلقاء القبض على عنصرين «متورطين في تموين ومساعدة العناصر الإرهابية الفارة في جبال القصرين (غربي البلاد)». وأشارت الداخلية إلى أن أحدهما كان ينوي استهداف عناصر من الحرس الوطني (الدرك). في غضون ذلك، صادق مجلس الوزراء التونسي على إنشاء «وكالة الاستخبارات والأمن للدفاع» تشرف عليها وزارة الدفاع لمكافحة الإرهاب وحماية الحدود المشتركة بين تونسوالجزائروتونس وليبيا. وذكر بيان رئاسة الحكومة أن هذه الوكالة، التي ستعوّض إدارة الأمن العسكري، مهمتها توفير المعلومات الاستخباراتية وتحليلها ومساعدة الوحدات الميدانية على التحرك وتتبُّع الخلايا المسلحة إضافةً إلى توفير الحماية للعسكريين والأمنيين والشخصيات الرسمية. وتعيش البلاد منذ سنتين على وقع تحركات لمجموعات مسلحة تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي». ونفذت هذه المجموعات عمليات أسفرت عن مقتل عشرات الأمنيين والعسكريين اضافةً الى اغتيال سياسيين بارزين. وحذرت السلطات في مناسبات عدة من أن هذه المجموعات قد تستهدف المسار الانتخابي بهدف اثارة الفوضى في البلاد.