قبل تظاهرات ينوي نشطاء المعارضة تنظيمها في الذكرى الأولى لتولي الرئيس المصري محمد مرسي الحكم في 30 حزيران (يونيو)، وقعت أحداث عنف متبادل بين مناصري جماعة الإخوان المسلمين ومعارضيهم، ما يوحي بإمكان وقوع صدامات على نطاق واسع مع تزايد حدة الاحتقان السياسي في الشارع المصري. وتقود تحرك المعارضة حملة «تمرد» التي قالت إنها جمعت 7 ملايين توقيع لسحب الثقة من مرسي الذي أعلن أمس رفضه دعوات معارضين إلى إجراء انتخابات رئاسية مسبقة. وأضرم مجهولون النار فجر أمس في المقر الرئيسي لحملة «تمرد» قرب ميدان التحرير في قلب القاهرة، ما أتى على بعض محتويات المقر من دون أن يطاول الحريق استمارات سحب الثقة من الرئيس، وفيما اتهمت الحركة مرسي وجماعة الإخوان بإحراق مقرها، اتهمت جماعة الإخوان نشطاء «تمرد» وحزب «الدستور» وحركة «6 أبريل» بمحاولة اقتحام منزل القيادي «الإخواني» الدكتور جمال حشمت في مدينة دمنهور في محافظة البحيرة، بعدما حاصروه لساعات عدة وأضرموا النار في سيارته، في أعقاب هجوم بلطجية على اجتماع لحركات المعارضة في المدينة وفضه بالقوة. وقال محمد عبدالعزيز الناطق باسم «تمرد» ل «الحياة» إن خمسة ملثمين هاجموا مقر الحملة الرئيسي بزجاجات المولوتوف فجر أمس ما خلّف أضراراً في نوافذ وباب المقر ومدخله، لكنه أكد أن استمارات سحب الثقة من الرئيس لم يطلها الحريق. وأوضح أن الحملة حررت محضراً اتهمت فيه مرسي والمرشد العام لجماعة الإخوان الدكتور محمد بديع بالتحريض على حرق المقر. وقالت الحملة في بيان: «إن نظام حكم محمد مرسي يواصل أسلوب الحكم عن طريق الميليشيات والبلطجة، الأمر الذي جعل هذا النظام القمعي الإرهابي يرتكب جريمتين في يوم واحد لا يفصلهما غير ساعات، الأولى كانت الاعتداء بالضرب والبلطجة واقتحام اجتماع للتيارات السياسية وفي القلب منهم شباب تمرد في دمنهور، والثانية محاولة إحراق مقر الحملة الرئيسي ما يكشف عجز وضعف وخوف النظام الذي اقتربت نهايته بكل تأكيد». ودانت الحملة «تلك الاعتداءات الإجرامية»، مؤكدة أن «كل خطوات التخويف والترهيب لن تثنيها عن مواصلة» طريقها الداعي إلى تظاهرات 30 حزيران (يونيو) من أجل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وبعدما هاجم مجهولون اجتماع المعارضة في دمنهور وفضوه بالقوة، تجمع مئات المتظاهرين حول منزل القيادي في جماعة الإخوان جمال حشمت وحاولوا اقتحامه، لكن أهالي تصدوا لهم إلى أن أتت قوات الشرطة معززة بمدرعات، في محاولة للسيطرة على الموقف، بعدما أحرق المتظاهرون سيارة يمتلكها حشمت. وتعهد قادة في جماعة الإخوان حماية مقراتهم خلال تظاهرات 30 حزيران (يونيو) المرتقبة، محذرين من الاعتداء على أي من مقرات الجماعة أو حزب الحرية والعدالة أو مؤسسات الدولة. وقالت قيادات إسلامية إن أنصار التيار الإسلامي سيتكفلون بحماية أقسام الشرطة خشية اقتحامها. ودانت «جبهة الإنقاذ» الاعتداء على مقر حملة «تمرد» ومحاولة حرق استمارات سحب الثقة من مرسي. وقالت في بيان إن من «يحاول حرق توقيعات الشعب لا يتوانى عن حرق الشعب نفسه إذا أتيحت له الفرصة». ورأت أن الحادث يشير إلى «خوف جماعة الإخوان المتزايد من توقيعات تمرد والسعي إلى خلق أجواء من العنف في محاولة يائسة لإفساد تصاعد النضال السلمي لاستعادة ثورة الشعب». كما دان التيار الشعبي، الذي أسسه المرشح الرئاسي السابق القيادي في «جبهة الإنقاذ» حمدين صباحي، محاولة حرق مقر حملة «تمرد»، متهماً جماعة الإخوان بالوقوف خلف الحادث لحرق توقيعات ملايين المصريين على استمارات سحب الثقة من مرسى والدعوة لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. كما دان الاعتداء على اجتماع قوى المعارضة في دمنهور. وشدد التيار على أن «محاولات استخدام العنف لبث الخوف والقلق في نفوس المصريين وشبابهم وقواهم السياسية والثورية من جانب سلطة الإخوان المسلمين، لن تؤتي ثمارها، ولن تؤدي إلا لمزيد من الغضب الشعبي ضد سياسات وممارسات الإخوان ومزيد من الإصرار على رفض استمرار هذه السلطة وهذه السياسات». ودان القيادي في «جبهة الإنقاذ» عمرو موسى حرق مقر «تمرد»، وأكد تضامنه الكامل مع أعضاء الحملة ضد أي اعتداء. وقال موسى في تدوينة على حسابه على موقع «تويتر»: «ندين الاعتداء بحرق مقر حملة سياسية سلمية سلاحها حرية التعبير ومطالب ديموقراطية»، مضيفاً: «البادي أظلم، ولن تفت هذه الأساليب في عضدنا». وكان مرسي انتقد الدعوات لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ووصف في حديث لجريدة «الأهرام» نشرته أمس تلك الدعوات بأنها «عبثية وغير مشروعة». وقال إنه يضع الحديث عن انتخابات رئاسية مبكرة في إطار حرية الرأي «ولكنها لا تمثل على الإطلاق أي نوع من أنواع الحقيقة التي يمكن التحدث عنها بشكل شرعي أو قانوني، فهذا مخالف للقانون والدستور والعرف والإرادة الشعبية». أميركا تسمح في هدوء بمساعدات عسكرية لمصر في غضون ذلك (رويترز) أظهرت مذكرة كتبها وزير الخارجية الأميركي جون كيري واطلعت عليها «رويترز»، أن كيري تحرك في هدوء الشهر الماضي لإعطاء مصر مساعدات عسكرية أميركية بقيمة 1.3 بليون دولار، معتبراً أن هذا يخدم المصلحة الوطنية للولايات المتحدة على الرغم من إخفاق القاهرة في الوفاء بمعايير الديموقراطية. واتخذ كيري القرار قبل نحو شهر من إدانة محكمة مصرية هذا الأسبوع 43 من العاملين بمنظمات لدعم الديموقراطية من بينهم 16 أميركياً في ما تعتبره الولاياتالمتحدة قضية ذات دوافع سياسية ضد منظمات غير حكومية مدافعة عن الديموقراطية. وتعتقد جماعات حقوقية أن الرئيس المصري محمد مرسي يتراجع عن إصلاحات ديموقراطية، وأن هذا يبدو واضحاً في قانون جديد للمجتمع المدني ومقترحات لإصلاح القضاء يرى منتقدون أنها وسيلة للتخلص من قضاة ينظر اليهم على أنهم مناهضون للحكومة. وعلى الرغم من أن المذكرة المؤرخة في 9 أيار (مايو) قالت «نحن غير راضين عن حجم التقدم الذي تحققه مصر ونحض على عملية ديموقراطية أكثر شمولاً وتعزيز المؤسسات الديموقراطية الأساسية»، إلا أن كيري قال انه ينبغي السير قدماً في تقديم المساعدات. وبمقتضى القانون الأميركي فإنه لكي ترسل المساعدات العسكرية البالغ قيمتها 1.3 بليون دولار فإنه يتعين أن يشهد وزير الخارجية الأميركي بأن الحكومة المصرية «تدعم الانتقال إلى الحكم المدني، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتنفذ سياسات لحماية حرية التعبير وحرية تكوين الجماعات والحرية الدينية وسيادة القانون». ووفقاً للمذكرة المؤرخة في 9 أيار، فإن تقديم المساعدات العسكرية لمصر يخدم المصالح الوطنية للولايات المتحدة بما في ذلك زيادة الأمن في شبه جزيرة سيناء والمساعدة في منع هجمات من قطاع غزة على إسرائيل ومكافحة الإرهاب وتأمين المرور في قناة السويس.