هل تعرفون ما هي مادة التحلية التي تستعمل على نطاق واسع، خصوصاً في المشروبات الغازية؟ إنها شراب الذرة عالي الفركتوز. وكشفت دراسة في العام 2004 أن معدل انتشار استخدام الشراب المذكور تعدى معدل انتشار أي مادة غذائية أخرى. ويتم تحضير شراب الذرة عالي الفركتوز بعلاج نشاء الذرة لإستخراج سكر الغلوكوز ثم يعالج الناتج مرة ثانية للحصول على سائل يتركب من 55 في المئة من سكر الغلوكوز و45 في المئة من سكر الفركتوز. وقد تم التوصل إلى هذا المنتج ليستعمل كمادة محلية بخسة الثمن عوضاً عن سكر القصب الباهظ الثمن. وأثار شراب الذرة عالي الفركتوز جدلاً كبيراً في السنوات الأخيرة، لأن زيادة انتشار استخدامه تزامنت مع ارتفاع معدلات البدانة، وقد عزا العلماء ذلك إلى أن طريقة تعامل الكبد مع شراب الذرة العالي الفركتوز، فهي تختلف عن تعامله مع سكر القصب، وهذا بالتالي ما يؤدي إلى تراكم الدهون في الجسم. وإلى جانب هذا، فإن سكر الفركتوز لا يعمل على تحفيز إفراز هرمون الأنسولين أو هرمون اللبتين، اللذين على علاقة مباشرة بتنظيم الوزن ومنع السمنة في الجسم، الأمر الذي يطلق العنان للشهية لأكل المزيد من الطعام. واتهم باحثون شراب الذرة عالي الفركتوز بأنه وراء تفشي المتلازمة الإستقلابية، التي تضم تحت علمها حزمة من الإضطرابات والأمراض، أهمها: زيادة شحوم البطن، والداء السكري النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وبلبلة على صعيد شحوم الدم كزيادة الشحوم الثلاثية والكوليسترول السيئ ونقص الكوليسترول الجيد، إضافة إلى ارتفاع حامض البول في الدم. وجاءت الإتهامات ضد شراب الذرة العالي الفركتوز على خلفية دراسة سابقة قام بها الباحثون في كليتي طب كولورادو وفلوريدا، والتي تم خلالها فحص مستويات الفركتوز في دم 40 عينة دم بعد أن إستهلك أصحابها شراباً محلى بالسائل عالي الفركتوز أو بسكر المائدة (سكر القصب)، وبعد قراءة النتائج تبين أن الذين تناولوا شراب الذرة كان دمهم يحتوى على مستوى أعلى من سكر الفواكه، وتم تسجيل قراءات أعلى لديهم بضغط الدم ومستوى حامض البول، مقارنة بأولئك الذين أخذوا الشراب المحلى بسكر المائدة. في المقابل، هناك مؤيدون لشراب الذرة عالي الفركتوز، وهم يزعمون بأنه آمن، على رغم تحامل البعض عليه، وهم يدعون أن شراب الذرة عالي الفركتوز لا يختلف عن سكر المائدة العادي في تأثيره على الشهية وتناول الطعام. أما حجة هؤلاء فهي محصلة الدراسة التي أجراها كل من تينا أخافان وهارفي أندرسون من جامعة تورونتو في كندا. فقد قام الباحثان بتجربتين على 31 رجلاً من الأصحاء، قدما فيهما للرجال محاليل سكرية ليشربوها تحتوي على سكر المائدة العادي وشراب ذرة عالي الفركتوز، وفي كل المحاليل يوجد العدد نفسه من السعرات الحرارية. وبعد مرور ساعة ونصف الساعة سمح للرجال بتناول كامل البيتزا التي كانوا يرغبون فيها. فماذا كانت النتيجة؟ النتيجة لم تسجل اختلافات جوهرية بين المجموعتين سواء في مستويات الجوع لدى الرجال أم في معدلات أكلهم. إذاً، المعركة بين مؤيدي شراب الذرة عالي الفركتوز ومعارضيه لم تحسم بعد، من هنا الحاجة إلى إجراء مزيد من التحريات للوصول إلى الجواب الشافي الذي يحدد إذا كان الشراب مذنباً أم لا؟!