في السنوات العشرين الاخيرة قفز استهلاك المشروبات السكرية الى حدود فاقت كل التوقعات، صحيح انها تقدم للجسم طاقة فورية يمكنه ان يستعملها إذا كان في حاجة ماسة اليها، ولكن ليس هذا ما يحصل دوماً، فالمشروبات الحلوة تحمل الى الجسم كمية كبيرة من السكر تفوق الحد المسموح به، وهذا السكر هو من النوع البسيط الذي يتم امتصاصه بسرعة، وبما ان الجسم لا يحتاج اليه، فإنه غالباً ما يعمل على تكديسه على شكل تجمعات دهنية تمهد الطريق لزيادة الوزن والإصابة بالبدانة. عدا هذا، فإن كمية السكر الكبيرة تلزمها كمية هائلة من فيتامينات المجموعة (ب)، الأمر الذي يسبب نقص هذه الأخيرة وحدوث عوارض مزعجة كثيرة. والى جانب زيادة الوزن والبدانة وتدهور مستوى فيتامينات المجموعة (ب)، فإن المشروبات السكرية قد تكون مسؤولة عن طائفة من المشاكل الصحية، ومنها: تؤمّن البيئة الخصبة لتسوس الأسنان، خصوصاً عند الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وخطر المشروبات السكرية على الأسنان يكون أحياناً افظع من المأكولات السكرية، لأن الطفل يكرع منها كلما سنحت الفرصة. أيضاً، فإن المشروبات السكرية كثيراً ما تحتوي بين جنباتها على مكونات حامضية تضر كثيراً بميناء الأسنان. تراجع حصول الطفل على ما يحتاجه من الفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية لقلة ما يتناوله من الخضروات والفواكة والمنتجات الحليبية. إذاً، على الأهل ان يهتموا عن كثب بما يأخذه أطفالهم من مشروبات سكرية بحيث لا تكون على حساب أطعمة وأشربة أخرى مهمة جداً للطفل كونه في طور النمو والتطور. كشفت دراسة كندية ان المبالغة في استهلاك المشروبات السكرية تؤدي الى ارتفاع حامض البول، خصوصاً عند الرجال، ما يفسح في المجال أمام الإصابة بداء النقرس. تأخير حدوث الشبع. بكلام آخر المشروبات السكرية لا تعمل على تسكين الشهية، على رغم حصول الجسم على الطاقة اللازمة، الأمر الذي يدفع الى شرب المزيد منها، وهذا يعني دك الجسم بفائض من السعرات الحرارية لا لزوم لها فتكون النتيجة مزيداً من الوزن. أظهرت دراسة أميركية ان المشروبات المحلاة بسكر الفركتوز تساعد على تراكم الشحوم في الشرايين، خصوصاً الكوليسترول الضار، عند الأشخاص الذي يعانون من زيادة الوزن والسمنة. كما بينت دراسة أخرى اشرفت عليها الباحثة الأميركية كارن يف ان استهلاك البدناء للمشروبات السكرية أثناء وجبات الطعام يساهم في رفع معدل الشحوم الثلاثية في الدم، وهذا ما يزيد من خطر التعرض للأمراض القلبية الوعائية. وإذا كانت المشروبات السكرية محط اتهامات كثيرة، فإن علماء اسكتلنديين وجدوا ان المشروبات السكرية تفيد في تعزيز قدرة الدماغ على تخزين او استعادة المعلومات، وفي هذا الإطار ينصح الدكتور لي ريبي المحاضر في الطب النفسي في جامعة غلاسكو كالدونيان والمشرف على الدراسة المذكورة، طلابه بتناول مشروبات سكرية تمنحهم الطاقة قبل المحاضرات، لأنها، بحسب قوله، تساعدهم على الاستيعاب في شكل أفضل. يبقى أن لا مانع من تناول المشروبات السكرية، شرط ان يحسب حسابها في معمعة السعرات الحرارية التي يحتاجها الجسم، والأهم ألا تكون هي الغالبة على حساب مكونات غذائية أخرى، وإلا فعلى الصحة السلام.