مما يتعبد أو يتقرب به إلى الله عز وجل في شهر رمضان التراويح، فما المقصود بالتراويح والتهجد؟ - التراويح: القيام، قيام رمضان الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه»، وسميت تراويح؛ لأن الناس فيما سبق كانوا يطيلونها، وكلما صلوا أربع ركعات - يعني بتسليمتين - استراحوا قليلاً ثم استأنفوا، وعلى هذا يحمل حديث عائشة رضي الله عنها: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً»، فإنها تريد بذلك أنه يصلي أربعاً بتسليمتين، لكن يفصل بينهما وبين الأربع الأخريات. وهذه التراويح سنّة سنّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه صلى بأصحابه ثلاث ليال ثم تأخر، وقال: «إني خشيت أن تفرض عليكم»، وينبغي للإنسان أن لا يفرط فيها؛ لينال أجر من قام رمضان، وهو مغفرة ما تقدم من الذنب، وينبغي أن يحافظ عليها مع الإمام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة». ولا يخفى أن التراويح التي تفعل الآن فيها أخطاء من الأئمة ومن غيرهم. بن عثيمين *** قال أحمد شوقي: «الصيام: حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع لله وخضوع، ولكل فريضة حكمة، وهذا الحكم ظاهره العذاب، وباطنه الرحمة، ويستثير الشفقة، ويحض على الصدقة، ويكسر الكبر، ويعلم الصبر، ويسن خِلال البرّ. حتى إذا جاع من ألف الشبع، وحُرِم المترفُ أسباب المتع، عرف الحرمانَ كيف يقع، والجوع كيف ألمُه إذا لذع». ذكر العالمان (سبنسر، وجيلين) في كتابهما عن سكان أستراليا القديمة: أنه كان يجب على المرأة التي يموت زوجها في أستراليا أن تظل صائمة عن الكلام لمدة طويلة قد تبلغ في بعض الأحايين عاماً كاملاً. *** الصوم هو العبادة الأكثر شهرة في التاريخ، بعد عبادة الدعاء، كما أنه كان الطقس الأساسي لإعداد المحاربين والكهنة في الأزمنة القديمة، ففي الديانات الهيليفية لجأ الكهنة إلى الصوم اعتقاداً منهم أن الآلهة سوف تلهمهم النبوءات الشافية لهم من الخور والضعف والكسل، على أن يتم تخليصهم من تلك الأمراض لا في الواقع، بل من خلال معالجة آلهتهم لهم في الأحلام، بأن تزورهم بالأحلام السعيدة، وتلهمهم السلوان والصبر، خاصة لمن أخلص منهم في صومه.