بددت الاحتجاجات الغاضبة في إسطنبول ومدن تركية أخرى أجواء الزيارة التي كان مقرراً أن يبدأها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى المغرب اليوم في مستهل جولة مغاربية تقوده إلى الجزائر وتونس. ورأت مصادر حزبية مغربية، أن حزب «العدالة والتنمية» الإسلامي الذي يقوده رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران كان يعول على الزيارة لدعم نفوذه الذي بات يتعرض للاهتزاز في مواجهة مطالب المعارضة. لكن أحداث «ساحة تقسيم» ألقت بظلالها على هذا الرهان، خصوصاً أن «أردوغان المغربي» يواجه صعوبات في تدبير الشأن العام. وقبل أن يحل المسؤول التركي بالرباط قاطعت فصائل كتل المعارضة في مجلس النواب الجمعة الماضية جلسة المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة الذي وجد نفسه يخاطب كتل الغالبية فقط بعد انسحاب كل من «الاتحاد الاشتراكي» و «تجمع الأحرار» و «الأصالة والمعاصرة» و «الاتحاد الدستوري»، في سابقة تعكس مأزق العلاقة بين الغالبية والمعارضة. واتهمت الكتل النيابية في المعارضة حكومة بن كيران ب «إيهام الرأي العام بأن الخلافات تطاول المحاصصة الزمنية في المداخلات، لتحويل الأنظار عن حقيقة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تهز البلاد»، مؤكدة أن المسألة تخص «ممارسة الحكومة رقابة قبلية على البرلمان» من خلال اختيار القضايا موضع المساءلة. ووصفت تمسك الحكومة بصيغتها بأنه «ينقض حق المعارضة في الرقابة». ودعت بن كيران إلى مصارحة الرأي العام بحقائق الأزمات التي تجتازها البلاد، خصوصاً تراكم الديون الخارجية ومعاودة فرض وصاية صندوق النقد الدولي. ورأت أن تبرير العجز الحكومي «بوجود قوى خفية هلامية» لا يسعف في التهرب من المسؤولية. لكن رئيس الحكومة أصر أمام مجلس النواب على التزام حكومته مواصلة الإصلاحات، وقال إنه سيمضي قُدماً في معاودة النظر في دور صندوق المقاصة (دعم الدولة المواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الدقيق والزيت والسكر) وإصلاح نظام الإحالة على التقاعد مهما كلفه ذلك من «تضحيات». واتهم الجهات التي تعرقل الإصلاح بأنها تسعى إلى الإفادة من استمرار مظاهر الفساد. وقال إن حكومته جاءت للوفاء بأجندة إصلاحية تستند إلى ثقة الناخبين الذين وضعوا ثقتهم في حزبه « العدالة والتنمية». وسيجري رئيس الوزراء التركي محادثات سياسية مع نظيره المغربي، كما سيجتمع إلى رئيسي مجلس النواب كريم غلاب والمستشارين محمد الشيخ بيد الله. ورجحت مصادر سياسية أن تعرض المحادثات تطورات الوضع الإقليمي في منطقة شمال أفريقيا، خصوصاً أن المسؤول التركي سيزور الجزائر وتونس، إضافة إلى تنسيق الجهود في مواجهة الأزمة السورية ومحور العلاقات الثنائية والاقتصادية بين البلدين. وتعتبر زيارة أردوغان الأولى منذ تولي زعيم «العدالة والتنمية» عبدالإله بن كيران رئاسة الحكومة المغربية. وهو صرح أكثر من مرة بأنه «يعتز بالتجربة المغربية». ويرى مراقبون أن انفجار الأوضاع في تركيا ومظاهر الأزمة الحكومية في المغرب قللا من الرهان على وضع الزيارة في سياق تعاون شامل بين البلدين على مستويات إقليمية عدة.