رهن رئيس الحكومة المغربية عبدالإله بن كيران تفعيلَ البناء المغاربي بمعاودة فتح الحدود البرية المغلقة بين بلاده والجزائر. وصرّح بن كيران في مقابلة مع صحيفة «التجديد» أمس، بأن ظروف عقد القمة المغاربية التي كان مقرراً أن تستضيفها تونس في خريف العام الجاري «لم تنضج بعد». وعزا ذلك إلى سريان مفعول إغلاق الحدود بين البلدين الجارين، مؤكداً أن التئامها في مثل هذه الظروف «سيكون شكلياً». ورأى في سياق الالتزام التاريخي للمغرب والجزائر، أنه «لا يمكن أن تتصالح ألمانياوفرنسا وتظل الجزائر في خصام مع المغرب»، في إشارة إلى الحروب التي كانت فرّقت البلدين الأوروبيين. وسئل عن دلالات حضور شخصية إسرائيلية المؤتمر الوطني لحزب «العدالة والتنمية» الذي يتزعمه لولاية ثانية، فأجاب: «لو كان هدفنا التطبيع وإسرائيل لكنّا سنذهب إلى ذلك مباشرة». ثم استدرك أن ما وقع، لجهة حضور الإسرائيلي عوفير برانشتياين «حدث بسيط جداً»، موضحاً أن أكثر ما يقال عنه «أنه خطأ»، متهماً بعض الجهات باستخدامه لإفساد «فرحة المؤتمر». وأضاف أنه يتحمّل مسؤولية ذلك الخطأ، الذي عزاه إلى عدم الانتباه لمسار الرجل الذي عمل مستشاراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين، فيما قُدّم له كداعية سلام. وسئل عن خلفيات عدم حضور السفير الأميركي في الرباط أعمال المؤتمر على رغم توجيه الدعوة إليه، فردّ بأن علاقات إيجابية تربط حزبه والأميركيين وتطبعها الصداقة، أما على مستوى الحكومة «فنحن نسير وفق منطق الدولة المغربية، حليف الولاياتالمتحدة». وأضاف: «في حال امتنعوا عن الحضور، لأننا وجهنا الدعوة إلى «حماس»، فلهم واسع النظر، ونحن في العدالة والتنمية لا نخفي مساندتنا حماس»، في إشارة إلى حضور خالد مشعل مؤتمر الحزب الإسلامي. وشرح بن كيران مرجعية حزبه، فقال: «على رغم أننا حزب سياسي، فمرجعيتنا هي الإسلام، الذي يدعو إلى التي هي أقوم، ما يتطلب بذل جهود أكبر والاستمرار في التضحية وتلافي السقوط في إغراءات المناصب». ونفى وجود تصدع في الائتلاف الحكومي الذي يقوده، والذي يضم أحزاب الاستقلال والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية. وشرح أن نواب كتلة حزبه «لا تزال عندهم نفسية المعارضة»، وأنهم لذلك واجهوا وزير الداخلية محند العنصر، ملحّاً على أن الأمر يتطلب نوعاً من الاعتدال فقط، «فنحن دولة ديموقراطية، وكل الوزراء معرَّضون للمساءلة». واتهم نواباً من حزبه والمعارضة بأنهم يظهرون كمن يطرحون الأسئلة بشراسة، «ولا مشكل في ذلك». وعرض إلى ظاهرة اعتصام حَمَلَة الشهادات الجامعية والكوادر العاطلين عن العمل، فقال: «دعوهم يعتصموا، فأنا لا أخاف من الشارع، أخاف فقط إن كنت ظالماً، وإذا لم أظلم فلن أخاف أبداً، وإن رأوا أني ظلمتهم فليذهبوا إلى المحكمة، وفي حال حكمت المحكمة ضدي ما عليّ إلا التنفيذ». على صعيد آخر، شكّلت زيارة وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس التي بدأت أمس، أولَ حوار مغربي-فرنسي منذ مجيء الاشتراكيين إلى الحكم في خصوص ملفات أمنية وسياسية ودينية تطاول أوضاع المهاجرين المغاربة، والبحث في معالجة إشكالات الصراعات الدائرة حول النفوذ داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية والسماح بإفادة الطلاب المغاربة من فرص العمل الموقت أثناء دراساتهم الجامعية. وأفادت المصادر أن محادثات الوزير الفرنسي والمسؤولين المغاربة، وفي مقدمهم رئيس الحكومة بن كيران ووزير الداخلية محند العنصر ووزير الشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، تمحورت حول هذه القضايا في سياق إستراتيجية تعاون تشمل الهجرة غير الشرعية والحرب على الجريمة المنظمة والإرهاب وتكريس الانفتاح على التيارات الإسلامية المعتدلة. ورأت أن توقيت الزيارة يعكس جانباً من الانشغالات الفرنسية بفضاء علاقاتها وبلدان الشمال الأفريقي. وقال فالس الخميس بعد محادثاته مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، إن «زمن استخدام الحكومة الفرنسية الإسلام لأغراض سياسية انتهى». وأضاف، وفق ما نقلت عنه «فرانس برس»، أن «السلطات الفرنسية ترغب في أن يواصل الإسلام تواجده وتطوره في فرنسا في ظل القوانين المعمول بها في الجمهورية، شرط أن تمارَس شعائره بكل اطمئنان». ورأى أنه «يجب عدم الخلط بين إشكالية الهجرة والإسلام»، باعتبارهما موضوعين مختلفين.