تشهد المكتبات والقرطاسيات الخاصة إقبالاً متزايداً من قبل الطلاب والطالبات الذين يستهدفونها قبل وأثناء الاختبارات النهائية بغية الحصول على «الملخصات» التي تختصر منهجاً دراسياً كاملاً بعدد أوراق لا تتجاوز حد ال 100 ورقة، التي يعدها معلمون أو مهتمون بجمع أسئلة الأعوام الماضية، إضافة إلى محاضرات الطلبة المنتظمين، الأمر الذي حدا بكثير من أصحاب هذه المكتبات الاعتماد على هذا المصدر في هذه الفترة تحديداً نظير انتعاش مبيعاتها. وفي جولة نفذتها «الحياة» على بعض المكتبات الموجودة بالقرب من السور الجنوبي لجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، تم رصد أنواع مختلفة من الملخصات الدراسية لمادة واحدة في نفس التخصص والمستوى الدراسي وحتى الشعبة، ما أحدث ربكة لدى الطالب الذي لا بُد له من الانصياع لإحدى هذه الملخصات ظناً منه أنها الأصوب. وتحدث الأكاديمي المتخصص في تكنولوجيا التعليم بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور عبدالرحمن الزهراني إلى «الحياة» حول الملخصات الدراسية كونها تعارض تطور التعليم العالي في السعودية، موضحاً أنه في الوقت الذي يُبحث فيه عن التطوير، تعود هذه الملخصات بالتعليم الحديث إلى عصر الكتاتيب، ويلجأ إليها البعض بسبب غلاء الكتب والمراجع وقلة توافر بعضها، لكن ذلك لا يعتبر مسوغاً للحد من السعي وراء المعرفة الموثقة كما في الكتب والمراجع. وأكد الزهراني أن التعليم الإلكتروني انتشر حول العالم ولم يتم تفعيله بشكل جيد في السعودية، وبخاصة من ناحية النشر الإلكتروني للكتب والمراجع المتخصصة، ولعل الكتب الإلكترونية تكون جزءاً من الحل من خلال توفير معلومات موثقة وأكاديمية بطريقة سهلة ومتاحة للجميع، ليتم التخلص من سوق الملخصات، مبيناً أن عضو هيئة التدريس يستطيع مساعدة طلابه ليس في الحصول على معلومة جاهزة، بل في المشاركة في صناعة المعلومة من طريق افتتاح مدونات مثلاً أو استخدام مواقع التواصل الاجتماعية ومشاركة «الفيديو» والموسوعات المختلفة، ومن هنا ينتقل الطالب من مجرد متلقٍ فقط يحفظ ما يقدم إليه، إلى مشارك فاعل في العملية التعليمية ومنتج للمحتوى العلمي «فالملخصات لا تواكب أنظمة التعليم الحديثة في القرن ال 21، ويجب الحد منها لأنها عبارة عن سوق سوداء، مع ضرورة استبدالها بأدوات التعليم الإلكتروني». من جهته، أوضح سعيد حمدي (متخصص في صناعة الملخصات الدراسية) أن تاريخ غزو الملخصات إلى المكتبات كان قبل 18 عاماً، بيد أنه لم يكن يحظى بقبول واعتماد لدى الطلاب والطالبات، لكنه الآن أصبح هو المنتج الرئيس الذي يقصده الطلاب، وبخاصة طلاب الانتساب. بدوره، أكد الطالب عبدالرحمن صالح أنه يعتمد على هذه الملخصات بشكل مباشر، فهو لا يطلع على الكتاب الأصلي للمادة، موضحاً أن ذلك يوفر له الوقت الكافي، وجل الطلاب المنتسبين موظفون وليس لديهم الوقت الكافي لقراءة منهج كامل، فالأعمال لا تعتمد لهم إجازة يتمكنون من خلالها على الاستذكار، سوى يوم واحد وهو يوم الاختبار فقط، فيما يشير الطالب عبدالله الشمراني إلى شدة حاجته إلى الملخص، كونه يحقق له احتمال اجتياز المادة بالنجاح على «الحافة»، فهو لا يتمنى سوى النجاح ونيل الشهادة الجامعية لتكون ضمن قائمة شهاداتي التي لا تعترف بها المؤسسات الحكومية والخاصة للتوظيف ويكتفون بأن يكون المتقدم حائزاً على الشهادة الجامعية. ويروي الطالب سعيد الماجد أنه انصدم عندما اشترى ملخصاً من أحد المكتبات الكبرى، مشترطاً على البائع أن يقارن ملخصاتهم بمكتبة أخرى، واكتشف وجود ملخصات أخرى محدثة وأنها تختلف من مكتبة لأخرى، ما زاد من حيرته، فيما يؤكد الطالب محمد الغامدي أن وافدين من جنسية آسيوية كانوا عمالاً في السابق ثم تحولوا إلى خبراء مواد جامعية وينصحون بالملخصات، ويوزعون الإعلانات لملخصاتهم. وأفادت الطالبة بشرى أحمد بأن الإعلانات الإلكترونية على مواقع الإنترنت تعطي الطلاب والطالبات دفعة معنوية لشراء الملخصات المعلن عنها، كما أن أصحابها يروجون لفكرة أن هذه الملخصات تضمن للطالب النجاح في حين لو اكتفى بالمذاكرة منها، إضافة إلى أنها مفيدة لمن لا يجدون الوقت الكافي للمذاكرة أو يعانون من ضغوط الحياة، بيد أن هذه الملخصات تلغي جهود أعضاء هيئة التدريس.