قال الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام إنه لم يعد هناك من مبرر للتأخير في تشكيل الحكومة الجديدة، خصوصاً أن هذا التأخير إذا استمر لا يقل ضرراً عن الفراغ الذي كان سيحصل في المجلس النيابي والذي أوجب التمديد له من جانب معظم الكتل النيابية. وقال سلام في دردشة مع «الحياة» أمس حول ما إذا كان أعطى لنفسه مهلة من أجل تأليف الحكومة ان الموضوع نضج والبلد في حاجة الى حكومة ولم يعد هناك من ذرائع وحجج للتأخير. فإذا كانت مرت مرحلة فرضت إعطاء أولوية للتشريع بحثاً عن توافق في البرلمان على قانون الانتخاب ومن ثم لكي يتوافق أعضاء المجلس النيابي على التمديد له، فإن هذه الذريعة انتهت ولا يمكن أن يبقى البلد من دون حكومة بعد الآن. قوى التمديد والتأليف وإزاء الصعوبات التي يمكن أن تواجه عملية التأليف، يرى الرئيس المكلف أن القوى السياسية نفسها التي توصلت الى التفاهم على التمديد يمكنها التوصل الى اتفاق على تسريع تأليف الحكومة. وكان سلام زار رئيس الجمهورية ميشال سليمان قبل ظهر أمس و «وضعه في أجواء المشاورات والاتصالات في شأن تشكيل الحكومة الجديدة وضرورة الإسراع في إنجاز هذا الاستحقاق الدستوري»، كما جاء في بيان صدر عن القصر الرئاسي. وأوضح سلام لزواره بعد الزيارة عن استئنافه المشاورات، وقال إنه سيعود الى النقطة التي كان وصل إليها قبل أن يجمّد تحركه لتشكيل الحكومة في انتظار ما كان يقوم به المجلس النيابي من مشاورات واجتماعات. وقال إنه في 13 الشهر الماضي كان أعلن أنه لن يستبق الأمور وسيفسح المجال أمام السلطة التشريعية من أجل التوصل الى توافق على قانون الانتخاب، وأنه صرح بهذا الموقف بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري. وأبلغ سلام زواره أن الموضوع استغرق 3 أسابيع وقرر المجلس النيابي التمديد بعدما تعذر على النواب الاتفاق على قانون انتخاب جديد. والآن بات على الرئيس المكلف أن يعاود السعي لتأليف الحكومة. حكومة نهاية العهد وعن قول أطراف في «قوى 8 آذار» وقياديين في «حزب الله» إن الأمور تغيرت بعد التمديد ولم تعد هناك انتخابات وباتت هناك حاجة الى حكومة سياسية، أوضح سلام أننا قلنا إنها حكومة المصلحة الوطنية ومن أبرز مهماتها الانتخابات، ولم تكن فقط حكومة انتخابات لأن من واجبها معالجة سائر الملفات الضاغطة، الأمنية والاقتصادية والاجتماعية. واعتبر أن مع التمديد للبرلمان 17 شهراً، على الحكومة معالجة الملفات الأخرى، لكن من الخطأ الاعتقاد أنها ستبقى 17 شهراً، فالبلد مقبل على انتخابات رئاسة الجمهورية بانتهاء ولاية الرئيس سليمان في 24 أيار (مايو) 2014. والدستور يقول باستقالة الحكومة مع بداية ولاية رئاسية جديدة. وهذا يعني أنه بالكاد أمام هذه الحكومة سنة. وإذا تألفت بالسرعة المطلوبة، فإنها تحتاج الى إعداد بيانها الوزاري ثم الذهاب به الى المجلس النيابي لمناقشته والتصويت على الثقة وبالتالي تصبح مدتها 10 أشهر أو 11 شهراً. والدستور يقول أيضاً بأن ينتخب البرلمان الرئيس الجديد قبل شهرين من انتهاء ولاية الرئيس ويصبح منعقداً حكماً قبل شهر من نهاية الولاية لانتخاب الرئيس ويصبح البلد منشغلاً بانتخابات الرئاسة. وقال سلام ل «الحياة» إن حكومته ستكون حكومة آخر العهد وإذا لم تكن منسجمة، وحكومة مصلحة وطنية، فما الذي تستطيع إنجازه خلال 10 أشهر؟ وهل المطلوب أن نضع البلد في وتيرة تصريف أعمال طوال هذه المدة؟ وأكد أنه لم يقل إن الحكومة التي يسعى الى تأليفها هي غير سياسية، بل إنها سياسية لكن أن تكون مشكّلة من المحايدين حتى لا تنتقل المواجهات والمتاريس القائمة في البلد الى داخلها. وشدد على أنه حين قال إنه لا يريد وزراء في الحكومة منفّرين أو استفزازيين أو فاقعين في انتماءاتهم، فلأن المطلوب تمكينها من أن تعمل وتعالج الملفات وألا تشلّها الخلافات في هذه المدة القصيرة التي ستتولى خلالها إدارة شؤون البلاد. وإذا شكّلنا حكومة تقوم من خلالها مساحة من التهدئة للصراع السياسي، أليس هذا أفضل للجميع؟ أُطر الحوار ورأى أن الإتيان بالقوى السياسية المختلفة الى داخل الحكومة لتجلس مقابل بعضها لن يكون مفيداً للبلد. طبعاً هناك قضايا خلافية كبرى في لبنان تحتاج الى المعالجة، لكن يمكن السعي الى معالجتها في أطر أخرى غير إطار الحكومة، فهناك أيضاً هيئة الحوار الوطني برئاسة الرئيس سليمان التي يمكن أن تبت بهذه الخلافات. وهناك إمكانية أيضاً لقيام حوارات ثنائية بين الفرقاء وليس ضرورياً أن تنحصر بمجلس الوزراء الذي أمامه تحديات اقتصادية معيشية وأمنية وإدارية. وعن إصرار فرقاء على قيام حكومة وحدة وطنية، لفت سلام الى أن السعي الى الوحدة الوطنية يكون بالأداء وليس بشكل الحكومة والتجربة ماثلة أمامنا عن عدم نجاح الحكومات الفضفاضة من 30 وزيراً التي يتمثل فيها البرلمان بكامله، وهذا يفتح الباب على أن تكون من أكثر من 30 وزيراً أيضاً. وهذا غير منطقي لأنه يلغي المحاسبة والرقابة والمتابعة من جانب البرلمان لأعمال السلطة التنفيذية ويتم تمرير الأمور من دون أن يحاسب أحد ولا من يحزنون. نموذج الحكومة المستقيلة واعتبر سلام أن آخر نموذج للحكومات الموسعة وأكثر الأمثلة وضوحاً لسوء عملها، إضافة الى حصول المشاحنات داخلها هو ما حصل بالنسبة الى قانون الانتخاب. فالحكومة المستقيلة أقرّت مشروع قانون وأرسلته الى المجلس النيابي، وفور إرساله تنكّر فرقاء في الحكومة له وأخذوا يطرحون غيره. فما هي ضمانة وجود جميع الفرقاء في الحكومة إذا لم يتمكنوا من الحفاظ على ما اتفقوا عليه داخلها، الى درجة أن رئيس الجمهورية اضطر أن يذكّرهم حين وجد أن كل فريق ممثل في الحكومة أخذ يقترح مشروعاً آخر، بأن هناك مشروعاً أرسلتموه الى البرلمان باسم الحكومة. وحين سألته «الحياة» عن الضمانة بأن تتشكل حكومته من دون تأخير، خصوصاً أن الفريق الذي كان يصر على التمديد حصل عليه من دون أن يأخذ منه الفريق الآخر ولو وعداً بتسهيل تأليف الحكومة، رأى سلام أن ما من أحد أخذ التمديد من فريق آخر لمصلحته. التمديد حصل من أجل البلد لأن الجميع كان يخشى الفراغ الذي كان لبنان سائراً نحوه بعد 20 الجاري (انتهاء ولاية البرلمان). وكان الوضع يتجه نحو الفراغ الخطير. وطبعاً أخذ الفرقاء في الاعتبار الوضع الأمني الخطير في البلاد والحيثيات المتعلقة بصعوبة الاتفاق على قانون الانتخاب وغيرها. لقد تجنب البلد المحظور الكبير ولم يكن الفرقاء في وضعية تسمح لهذا بأن يقول مررنا التمديد ولذلك يجب تمرير الحكومة. لم يكن الأمر من الأساس موضوع مقايضة، الجميع كان يحتاج الى التمديد لأن الجميع كان سيقع في الفراغ. طبعاً حصل على هامش ذلك نوع من المزايدات والمواقف المتقابلة، لكن هذا لا يلغي الأساس. لذلك، فإن المخاوف من الفراغ في البرلمان والتي أوجبت التمديد يجب أن تكون دافعاً من أجل الحؤول دون الفراغ على الصعيد الحكومي لأنه لا يقل ضرراً عن الفراغ النيابي.