قدم القضاة في مصر ومجلس الشورى الذي يتولى التشريع موقتاً تنازلات متبادلة للتوصل إلى حل وسط لأزمة قانون السلطة القضائية المحال على اللجنة التشريعية في المجلس والذي يطيح آلاف القضاة، فيما ظهر أن أزمة قرار المحكمة الدستورية العليا بمنح ضباط وأفراد الجيش والشرطة حق الاقتراع دخلت نفقاً مظلماً بعدما رفض وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي ضمناً ذلك الأمر. وقال السيسي عقب حضوره أمس عرضاً عسكرياً تعليقاً على مسألة تصويت العسكريين في الانتخابات إن «القوات المسلحة لن تُسيّس أو تُحزّب وستظل مؤسسة وطنية مسؤولة عن مصر وشعبها، وهذا الأمر لن يتغير أبداً فالجيش هو الكتلة الصلبة في مصر وسيظل أسطورة وطنية نُحافظ عليها». ويفتح رفض وزارة الدفاع الأزمة على خيارات مجهولة، فالجيش أظهر تمسكاً برفض تصويت العسكريين، وفي الوقت نفسه من الصعب أن تتراجع المحكمة الدستورية عن حكمها. وكانت «جبهة الضمير» الموالية للحكم طلبت في بيان أمس إقامة «دعوى مخاصمة» ضد المحكمة بسبب ذلك القرار. إلى ذلك، تدخل وزير العدل أحمد سليمان أمس في مسعى لحل الأزمة بين مجلس الشورى والقضاة على خلفية قانون يخفض سن تقاعدهم ويطيح أكثر من 3000 قاض. والتقى سليمان أمس أعضاء المجلس الأعلى للقضاء قبل اجتماع أعضاء المجلس مع مجلس إدارة نادي القضاة. وبدا أن الطرفين قبلا تقديم تنازلات من أجل الوصول إلى حل وسط للأزمة، إذ قبل نادي القضاة التعاطي مع القانون الذي يرفضه بعدما كان يصر على عدم أحقية مجلس الشورى بإعداده، فيما وافق رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي على عدم مناقشة القانون في اللجنة التشريعية قبل إحالته على مجلس القضاء الأعلى لوضع اقتراحاته في شأنه وإرسالها إلى اللجنة. وقال وزير العدل ل «الحياة» إنه ومجموعة من شيوخ القضاء التقوا فهمي الذي «أبدى استعداداً لحل الأزمة وأكد أن إحالة مشروع القانون على اللجنة التشريعية إجراء شكلي، ووافق على عدم مناقشته في اللجنة وإرساله إلى مجلس القضاء الأعلى ليبدي رأيه فيه واقتراحاته في شأنه». ونقل سليمان هذا الاتفاق إلى أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذين نقلوه بدورهم إلى أعضاء مجلس إدارة نادي القضاة الذين قبلوا التعاطي مع ذلك المشروع، شرط عرضه على الجمعيات العمومية لمحاكم مصر كلها، وعدم استئثار مجلس القضاء الأعلى بإبداء الرأي فيه، وهو ما وافق عليه مجلس القضاء الأعلى. وقال عضو مجلس إدارة نادي القضاة محمد عبده صالح ل «الحياة»: «تم الاتفاق مع مجلس القضاء الأعلى على أنه في حال عرض القانون على مجلس القضاء سيتم طرحه على كل الجمعيات العمومية للمحاكم، وألا ينفرد المجلس بالقرار». واعتبر أن الاتفاق «جيد لأنه يضمن أخذ رأي كل القضاة في مشروع القانون، وبالتالي سيلتزم مجلس القضاء حتماً برأي جموع القضاة». وشدد على أن «القانون مرفوض من حيث المبدأ، لكن أردنا أن نثبت لمجلس الشورى أن جموع قضاة مصر يرفضون تشريعه».