شدد قضاة أمس على رفضهم مساعي وزير العدل المصري أحمد سليمان لإقناع الهيئات القضائية بالتعاون مع مجلس الشورى الذي يمتلك سلطة التشريع موقتاً في إقرار تعديلات على قانون السلطة القضائية تطيح آلاف القضاة، فيما شنت جماعة «الإخوان المسلمين» وبعض حلفائها هجوماً على المحكمة الدستورية العليا على خلفية حكم أصدرته قبل يومين يلزم الدولة السماح للعسكريين بالاقتراع في الانتخابات. وأفيد بأن وزير العدل أجرى خلال الأيام الماضية اتصالات مع مجلس القضاء الأعلى ورؤساء الهيئات القضائية لحضهم على التعاطي مع مجلس الشورى في مناقشات تعديل قانون السلطة القضائية الذي أحيل السبت الماضي على اللجنة التشريعية لمناقشته، وعلم أن سليمان نقل إلى شيوخ القضاة تعهدات السلطة بعدم تمرير القانون المثير للجدل قبل التوافق مع القضاة، وأنه أبلغهم بضرورة الإسراع في عقد «مؤتمر العدالة» الذي تم تجميده، لوضع مشروع قانون جديد للسلطة القضائية بدل المشروع الذي يناقشه مجلس الشورى. لكن الناطق باسم «نادي قضاة مصر» محمود الشريف رفض في تصريحات إلى «الحياة» ما يطرحه وزير العدل، مشدداً على رفض القضاة من حيث المبدأ مناقشة الشورى لأي قوانين متعلقة بهم «بعدما أثبت النواب عدم حيادهم ورغبتهم في المواجهة معنا». وأوضح أن مجلس إدارة النادي سيجتمع اليوم مع مجلس القضاء الأعلى للبحث في الأزمة. وقال: «ستكون على أجندتنا حض مجلس القضاء الأعلى على عدم التعاطي مع الشورى». غير أن القضاة بدوا منقسمين إزاء التعديلات، إذ أبدى مجلس القضاء الأعلى انفتاحه على مناقشة التعديلات المعروضة على الشورى، وقال في بيان مقتضب أمس إنه عرض خلال اجتماع «ما يدور في شأن تعديلات قانون السلطة القضائية، وسيقوم بدرس هذه التعديلات في حال ورودها وإعداد الرد المناسب». وكان رئيس مجلس الشورى أحمد فهمي أكد في تصريحات أمس أنه «في حال رفض اللجان (الهيئات) القضائية اقتراح تعديل قانون السلطة القضائية، فإن هذه اللجان مطالبة بتقديم مشروع تعديل جديد لقانون السلطة القضائية، شرط تقديمه عن طريق رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو وزير العدل لأن ذلك هو التسلسل القانوني للتشريعات». وقال إن المجلس حين وافق قبل يومين على تعديل قانون السلطة القضائية أحاله على اللجنة الدستورية «لعرضه على الهيئات القضائية وأخذ رأيها في التشريعات الجديدة، وسيتم الأخذ بتوصياتها التي توصي بها بعد عرض القانون عليها». لكن القيادي في «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارضة عمرو موسى اعتبر أن إصرار مجلس الشورى على مناقشة التعديلات «دليل على الالتباس في إدارة الأمور خصوصاً أن رئيس الجمهورية كان وعد بحل هذا الموضوع من خلال مؤتمر يعقده مع مجلس القضاء الأعلى ويحضره رئيس وممثلو نادي القضاة». وقال: كنا تفاءلنا بأن العقل والحكمة يمكن أن يكون لهما مكان في الإدارة الحالية للأمور، لكن مع الأسف هناك قوى متضاربة في ما يبدو تطبع طريقة إدارة العهد الحالي لمختلف المشاكل التي تواجهنا... الأوضاع الحالية لا تبشر بخير، والتشاؤم يتزايد». إلى ذلك، انتقدت جماعة «الإخوان» أمس «محاولة إقحام المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية، وإصرار بعضهم على جرها إلى المعترك الذي من المفترض أن تكون بعيدة منه»، في أول تعليق على إلزام المحكمة الدستورية الحكومة بالسماح لأفراد الشرطة والجيش بالتصويت. ورأى الناطق باسم الجماعة أحمد عارف أنه «ليس من العقل الدفع بكيانات نظامية مهنية كالجيش والشرطة إلى الشارع السياسي، خصوصاً في التجربة الديموقراطية الوليدة»، مشيراً إلى أن «محاولات جر الجيش إلى معترك السياسة لم تنجح، فهل يحاول البعض ذلك ولمصلحة من ومن المستفيد؟». أما الناطق باسم حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، مراد علي فاعتبر أن طلب المحكمة الدستورية إشراك العسكريين في التصويت «غريب ويثير علامات استفهام كثيرة». ورأى أن «هناك من يصر على جر الجيش والشرطة إلى الصراع السياسي بأي شكل». وتساءل: «هل المطلوب أن ننقل حال الاستقطاب السياسي إلى داخل الوحدات العسكرية؟ وهل هناك عاقل يقبل بأن تمارس السياسة والدعاية الانتخابية في الثكنات وهل من المقبول أن يشارك ضابط شرطة أو ضابط جيش في الحملة الانتخابية لأحد الأحزاب؟». ودعا حزب «الوسط» الإسلامي الحليف للجماعة المحكمة الدستورية إلى العدول عن قرارها «على اعتبار أن القوات المسلحة كما نص عليها الدستور هي مؤسسة وطنية محترفة محايدة لا تتدخل في الشأن السياسي». وأوضح الحزب في بيان أن «مفاد ما تقدم من نصوص دستورية هو القطع والحزم والجزم بعدم تدخل القوات المسلحة في الشأن السياسي كله، والعموم يفيد الشمول، أي كل ما يتعلق بالشأن السياسي اقتراعاً وترشحاً وتحزباً وقولاً وفعلاً». ورأى أن «المحكمة الدستورية بهذا القرار «وقعت في خطأ عظيم، لم يقتصر على مخالفة الدستور فحسب، بل امتد ليعبث بصلب بناء المجتمع والدولة المصرية المتماسكة». ورفضت حركة «شباب 6 أبريل» في بيان «إقحام الجيش والشرطة في الحياة السياسية». وأشارت إلى أن «هاتين المؤسستين منوط بهما حماية الصندوق الانتخابي بنزاهة، وقرار أحقيتهما في التصويت سيثير الشكوك خصوصاً أنه سيكون لكل منهما توجه». من جهة أخرى، بدأت نيابة شرق الإسكندرية أمس التحقيق في بلاغ ضد الإعلامية لميس الحديدي ورئيس مجلس إدارة قناة «سي بي سي» محمد الأمين ورئيس تحرير جريدة «المصري اليوم» ياسر رزق والصحافي في الجريدة يسري البدري، على خلفية نشر «المصري اليوم» تقريراً عن اتصالات بين «الإخوان» وحركة «حماس» الفلسطينية خلال «ثورة يناير». واستمع أمس وكيل النيابة إلى أقوال مقدم البلاغ المحامي شريف جاد الله الذي اتهم الحديدي والأمين ورزق والبدري ب «إذاعة تسجيلات ومستندات حصلوا عليها بطريق غير مشروع، وإذاعة أخبار كاذبة من شأنها تكدير السلم العام والأضرار بالمصالح القومية للبلاد». وأشار إلى أن «الاتصال بقيادات حماس إن كان حدث بالفعل، فهو ليس جريمة في قانون العقوبات مادام ذلك لم يتضمن إخلالاً بالسيادة الوطنية على أي شبر من الأرض، وقد كانت مصر هي السباقة في إرساء العرف الدولي العربي في مساعدة الثورات العربية بشرياً ومالياً».