شارك عشرة فنانين في «سمبوزيوم القاهرة الأول للحديد الخردة» الذي استضافته حديقة متحف محمود مختار في القاهرة، وهم من اتجاهات وخلفيات مختلفة، ما أنتج أعمالاً فنية لا تتشابه، كل منها يعبر عن فكر ومخزون ثقافي. أمضى الفنانون عشرة أيام في دأب وإصرار، ما بين أعمال طرق ولحام ورش وابتكار، محاولين ضخ الحياة في هذا المعدن الصعب المراس، فغيروا ملامحة القاسية، وطوّعوا صلابته، وصنعوا منه منحوتات. ويلبي قومسير السمبوزيوم الدكتور شمس القرنفلي متطلبات الفنانين من أدوات وخامات، ويؤدي دور الوسيط بينهم وبين قطاع الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة منظّمة الحدث، الذي يبعث الروح في تشكيل الحديد الذي دشنه في مصر الفنان الراحل صلاح عبد الكريم في سبعينات القرن العشرين وثمانيناته. ويقتني متحف الفن الحديث المصري بعضاً من أعماله وأشهرها «صيحة الوحش» الذي استخدم فيه أشياء حقيقية كمقصات وأدوات حفر ونحت تعبر عن التلاحم والقوة. وقد أهديت الدورة الأولى من السمبوزيوم الى ذكراه. ويقول القرنفلي: «يعتبر عبدالكريم أول من حرّك فن تشكيل الحديد وتفرغ له سنوات في مصر، وترك بصمة خاصة في هذا الفن. ونظراً الى خبرته في مجال الهندسة، عمل على إعادة تكوين الشكل والجمع بين وحدات العمل والمضمون الفكري». ويضيف أن هذه الملتقيات تدعم الروابط بين الفنانين وتزيد فرص الاحتكاك الفني وتبادل الخبرات، لافتاً إلى أنه من الأهداف المهمة للسمبوزيوم إيصال رسالة إلى البيئة المحيطة والمجتمع من شأنها الارتقاء بالذوق العام. ويوضح: «سيمثل نتاج الملتقى ثروة فنية لعشرة فنانين يمكن استغلالها بوضعها في الحدائق العامة والميادين ما يساهم في خلق مناخ صحي ثقافي وغذاء روحي وبصري رائع، ويضيف الى المشهد الجمالي، وهو دور لا بد أن يقوم به الفنانون في مصر ما بعد الثورة». وشكلت لجنة متخصصة، لاختيار الأعمال برئاسة الفنان أحمد سطوحي، بالتعاون مع القرنفلي، والقوميسير التنفيذي النحات عمر طوسون. ويقول الفنان هشام عبدالله وهو يرتدي نظارتين تقيانه تطاير شرارات نارية: «نمضي ساعات في اللحام والصهر والتقطيع بكتل الحديد على أنواعه». ويضيف: «أعتبر نفسي من المدرسة التعبيرية التأثيرية، وما أقدمه خلال هذه الدورة عبارة عن رجل يحتضن جذع شجرة، تمثل المرأة، ولكن من دون تفاصيل تشريحية. ولتأكيد المعنى أصهر الحديد ليبدو قديماً، قدم وجود الإنسان». الفنانة علا موسى هي المشاركة الوحيدة في الدورة، تتجول في حديقة متحف مختار مرتدية «الأفرول»، وترش طبقة عازلة عن الهواء على منحوتتها حتى لا تصدأ أو تتآكل. تقول: «أعمل في مجال الحفر والنحت سواء على الحديد أو الحجر أو البرونز، وشاركت من قبل في المعرض العام واختير عمل لي في متحف الفن الحديث. أما العمل الذي أشارك به في السمبوزيوم فهو لخمسة أشخاص متلاحمين في توحد وإنكار للذات وعنوانه «الثورة مستمرة»، لأنني أرى أن الثورة التي قام بها الشعب المصري لم تحقق أهدافها بعد». وعن مدى استفادتها من الورشة تقول: «نتبادل المشورة في الجوانب التقنية، ويستفيد بعضنا من بعض في الملاحظات التي تتعلق بشكل العمل ومضمونه». ويُقدم مدير متحف مختار الفنان طارق الكومي على تجربة جديدة يعلي فيها قيمة العمارة الفرعونية في عمل صرحي يعبر عن فكرة التشييد القائم على ثلاثة أبعاد، مؤكداً ضرورة خروج هذا النوع من الأعمال إلى الناس للاطلاع عليها، وعرضها في الميادين العامة. ويأمل القيّمون على السمبوزيوم أن يحظى باهتمام أكبر وينال صفة الدولية.