أدى تغيّر قوانين العمل المصرفي، إلى خلل في الانتشار الجغرافي للملاذات الضريبية في العالم. فأبرز التغيرات الجذرية في عالم المال يتمثل في أن عام 2020 سيشهد تفوق سنغافورة على سويسرا لتصبح مركز ال «أوف شور» الأكبر في العالم، وبالتالي جنة ضريبية كبرى. وتعزى خسارة سويسرا مزاياها التاريخية لجهة كونها ملاذاً ضريبياً بامتياز، إلى تشدد القوانين في أوروبا وزيادة عدد الأغنياء الآسيويين في شكل فاق التوقعات. وتستحوذ سويسرا على نحو 34 في المئة من الأعمال المصرفية الخاصة في العالم، ما يعني أنها تسيطر على أكثر من 2.8 تريليون دولار. ولكن سنغافورة تُعتبر اليوم الأسرع نمواً في هذا المجال بما قيمته 550 بليون دولار، منها 450 بليوناً من مصادر خارجية، مقارنة بنحو 50 بليوناً فقط عام 2000. وأشار خبراء سويسريون إلى أن سنغافورة تُعتبر اليوم رابع أكبر ملاذ ضريبي، تليها بريطانيا حيث يقدر محللون أن المصارف البريطانية تدير 1.8 تريليون دولار منوطة بأعمال مصرفية خاصة لمن هم من الخارج، ثم باناما وجزر الكاريبي التي تستحوذ على نحو تريليون دولار تم تهريبها إليها لتجنب الضرائب. ولفت محللون إلى أن تألق سنغافورة دولياً سببه الفقدان التدريجي والمدوي لثقة المستثمرين الأوروبيين والأميركيين الأغنياء بالقوانين الأوروبية المتعلقة بالسرية المصرفية واستقلالية المصارف. وهذا يأتي لصالح سنغافورة التي تتمتع بتوازن حكومي ثابت وبنية قانونية شفافة وتاريخ جيد في إدارة الاستثمارات. وبما أن اللغة الإنكليزية هي اللغة الرسمية في سنغافورة، تستأثر الأخيرة بمكانة مثالية لاستقطاب ثروات مالية، حالية ومستقبلية، لا تحصى ولا تعد. كما أن تداعيات حرب العملات تلعب دوراً أساسياً، فالعام الماضي زادت قيمة الفرنك السويسري 20 في المئة في مقابل الدولار، كما أن أزمة منطقة اليورو كان لها أثر سلبي على سويسرا، فكل دول منطقة اليورو المتأزمة مالياً تحاول استعادة أموالها التي هُرّبت إلى دول أخرى، ومنها سويسرا. ويتوقع خبراء أن تتضاعف الاستثمارات الخارجية التي تديرها سنغافورة أربع مرات حتى عام 2016، في حين ستتقلص الأعمال المصرفية الخاصة في سويسرا نحو 33 في المئة، ما يعني أن قيمة الأموال المهربة إلى سويسرا ستهوي إلى ما دون ترليوني دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.