الشموع في المنازل والمقاعد في مداخل البنايات الضخمة ومولدات الكهرباء في المشافي. تلك الأدوات باتت من ضرورات الحياة لدى المصريين الذين ينتظرهم صيف ساخن مظلم في الشهور المقبلة، فالشموع للإنارة بسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، والمقاعد لكبار السن غير القادرين على الصعود لأدوار عليا ويفضلون انتظار عودة التيار الكهربائي أمام بناياتهم، أما المشافي التي تضم حضانات للأطفال أو وحدات للغسيل الكلوي فبات المولد الكهربائي فيها كالماء والهواء، بسبب تكرار قطع التيار عنها ما يُشكل خطورة بالغة على الرضع في الحضانات. بدأ الصيف الحار في مصر ومعه حل الظلام لساعات طويلة في الليل والنهار، رغم تصريحات المسؤولين المتكررة عن خطة لتقليل ساعات قطع الكهرباء، تلك الظاهرة التي لم تعد قاصرة على المناطق العشوائية كما كان في السابق، فالعدالة الاجتماعية اقتضت أن يكون «الكل في الهم سواء»، لتغرق القاهرة لساعات في ظلام دامس ليلاً، أما الأقاليم فنهارها تنيره الشمس وليلها يسوده الظلام. ومع بدء خطة ترشيد استهلاك الكهرباء بسبب نقص الوقود المورد من وزارة البترول إلى محطات توليد الكهرباء، ينقطع التيار لساعات طويلة في الليل والنهار، ما أغضب المصريين الذين اعتادوا تلك المعاناة التي تزداد مع ارتفاع درجات الحرارة. لكن هذا العام بدأت الخطة مبكراً مع امتحانات نهاية العام الدراسي لطلاب المدارس والجامعات، ما زاد الغضب ومعه المعاناة، فالطلاب لم يجدوا بداً من استذكار دروسهم على ضوء الشموع للفقراء والكشافات التي تعمل بالشحن للأيسر حالاً. ولم يُعد مستغرباً أن يتراص سكان على مقاعد تشغل الأرصفة أمام بناياتهم هرباً من قيظ الحر. اللافت أن محافظ القاهرة أسامة كمال ناشد وزير الكهرباء أحمد إمام عدم قطع التيار حتى الانتهاء من الامتحانات، وهو طلب حال دون تنفيذه فقد الشبكة القومية للكهرباء في اليوم الواحد جزءاً كبيراً من قدرتها بسبب نقص الوقود المورد من وزارة البترول إلى محطات إنتاج الطاقة الكهربائية، ما يدفع القائمين عليها إلى تخفيف الأحمال نهاراً وليلاً لساعات طويلة كي لا تخرج من الخدمة ويسود الظلام أياماً لحين إصلاحها. وإن كان المصريون، خصوصاً فقراءهم، عادوا إلى عصور «الشموع» و «اللمبة الجاز» (مصباح الكيروسين) التي كادت تدخل في خانة الماضي، إلا أن «حكومة الثورة» تعاملت معهم بلغة العصر، فطلبت وزارة الكهرباء من المواطنين تسجيل أرقام هواتفهم النقالة لدى إدارات الكهرباء التابعة لها منازلهم من أجل إبلاغهم بمواعيد انقطاع التيار عبر الرسائل النصية ليستعدوا ل «العيشة البدائية». كما ارتقت الحكومة بخطابها فاعتذرت وزارة الكهرباء من المواطنين بعد تفاقم أزمة القطع المتكرر للتيار، قائلة إنها «مضطرة لتخفيف الأحمال رغماً عنها». وأضافت في بيان أنها تنسق مع وزارة البترول «لزيادة المورد لمحطات الكهرباء لتوفير التغذية الكهربائية اللازمة». لكن هذه الأعذار لم تنطل على المعذبين بظلام الليل وحرارة الطقس ومعاناة الاستذكار، فانتشرت حملات تدعو المصريين إلى التمرد وعدم سداد فواتير الكهرباء.