عبّر الباكستانيون بأقدامهم عن رأيهم في التهديدات التي وجهتها المجموعات الاسلامية العنيفة في مواجهة الديموقراطية «المستوردة من الغرب الكافر». لقد تدفق الرجال والنساء يوم السبت 11 أيار (مايو) الى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمانهم. وتعتبر نسبة المشاركة التي بلغت 60 في المئة مشجعة جداً في بلد تزيد نسبة الأمية بين سكانه الريفيين عن النصف. لم تشهد باكستان منذ سبعينات القرن الماضي حماسة مشابهة للادلاء بالاصوات. يصح القول ان هذه الدورة أغنتها مشاركة حزب جديد هو «الحركة الباكستانية من أجل العدالة» ب. وحقق حزب «الرابطة الاسلامية» الذي يتزعمه البرجوازي الكبير في البنجاب نواز شريف نصراً مدوياً. شكل ذلك انتقاماً مناسباً لهذا الرجل الذي شغل منصب رئيس الوزراء مرتين وانقلب العسكريون عليه في 1999 وزجوا به في السجن قبل ان يخرج الى المنفى. وبعد ان حاز خبرة وبلغ عمراً لم يعد معهما يخشى شيئاً، في وسع نواز شريف ان يصبح الاصلاحي الكبير الذي تحتاج باكستان اليه. وتنتظر المجموعة الدولية وباكستان الحقيقية -التي لا صلة لها بحشود الملتحين المتعصبين الذين يتظاهرون في كل مناسبة تحضر فيها الكاميرا لتسجيل صراخهم الغاضب-3 تغييرات كبيرة من الحكومة الجديدة. التغيير الاول هو التقارب الضروري مع الهند. وليست لباكستان مصلحة او وسائل كافية لخوض منافسة مع العملاق العالمي الجديد في شبه القارة الهندية. ومنذ خمس عشرة سنة تتبع الهند نموذجاً ناجحاً من التنمية الاقتصادية والاجتماعية هو مزيج من الليبرالية الاقتصادية بالنسبة للشركات الى جانب استثمارات عامة في البنى التحتية والتربية. ولا يبدو عقلانياً الا تبحث باكستان منذ بداية العقد الماضي في القفز الى قطار التنمية الهندية. في نهاية المطاف لا شيء، باستثناء الدين، يشكل فارقاً حقيقياً بين باكستاني من لاهور وبين هندي من دلهي. اللغة والثقافة وحتى العادات الغذائية ذاتها عند الاثنين. المسألة الثانية هي مسألة التعليم الشديدة الأهمية. فهل سيتمكن من تخفيض موازنة الجيش الكبيرة لمصلحة التعليم على غرار ما فعلت الهند؟ ام انه سيترك العائلات الفقيرة للنظام الحالي الذي يذهب فيه الصبية الى مدارس تحفيظ القرآن باللغة العربية التي لا يفهمونها وتبقى فيه الفتيات في البيت للعناية بالاعمال المنزلية. التغيير الكبير الثالث المنتظر من رئيس الوزراء الجديد يتركز على السياسة الباكستانية في افغانستان. آن أوان فرض التخلي عن حلم الهيمنة على افغانستان الذي يراود جهاز الاستخبارات العسكرية الواسع النفوذ بذريعة قرب افغانستان من مناطق البشتون. ويبرز السؤال عما جنته باكستان من اللعبة الصغيرة التي يؤديها جهاز الاستخبارات العسكرية والمستمرة منذ 20 سنة في استتباع حركة طالبان؟ الشبهة والكراهية في الخارج والتشدد والتفجيرات الانتحارية في الداخل. والخبر الطيب في عودة نواز شريف انه لن يجازف بشيء إذا أرغم الجيش على طاعته. * صحافي، عن «لو فيغارو» الفرنسية، 14/5/2013، إعداد حسام عيتاني