رفضت حكومة اقليم السند الباكستاني استدعاء الجيش للحفاظ على الأمن والنظام في مدينة كراتشي، العاصمة التجارية للبلاد، وذلك على رغم مناشدات من الحزب القومي البشتوني الذي يتهم حركة المهاجرين القومية بمسؤوليتها عن العنف في المدينة الذي اسفر عن سقوط أكثر من 80 قتيلاً خلال 4 أيام.ووصفت الحكومة المحلية قرارها بأنه «غير نهائي»، متهمة عناصر مرتبطة بالاستخبارات الهندية بمسؤوليتها عن أعمال القتل العشوائية التي امتدت إلى أحياء جديدة. واعلنت انها تخطط لعمليات تفتيش للحيلولة دون تجدد أعمال العنف، مع العلم ان محطات تلفزيون محلية بثت صوراً لمسلحين ملثمين يطلقون النار في الشوارع، ما أصاب السكان بالذعر وزاد المخاوف من احتمال اتساع رقعة العنف وانجرار عدد من الاحزاب والمجموعات العرقيات في كراتشي وراءها.وأبدت اجهزة الأمن الباكستانية تخوفها من عمليات تهريب كبيرة للأسلحة إلى كراتشي عبر إقليم بلوشستان المجاور أو عبر جماعات تهريب بشتونية منظمة.وأشار تجار أسلحة في منطقة القبائل وكراتشي الى ان جهات مختلفة طلبت شراء أسلحة خفيفة، ما عزز الشكوك بانفلات الوضع الأمني في المدينة وعدم قدرة الدولة على السيطرة عليه.وكانت كراتشي شهدت في تموز (يوليو) الماضي، أحداث عنف دامية ادت الى مقتل اكثر من مئة شخص خلال أسبوع، بعد اغتيال أحد قادة حركة المهاجرين القومية التي اتهمت عناصر من الحزب القومي البشتوني بتنفيذه، فيما حملت وزارة الداخلية عناصر موالية ل «طالبان» مسؤولية الحادث.وأكد وزير الداخلية رحمن مالك أن الحكومة ستضرب بيد من حديد كل من يعبث بالأمن في كراتشي، ويحاول إغراقها بالدماء، فيما رأى رجا رياض، أحد وزراء «حزب الشعب» في حكومة إقليم البنجاب، أن الأحداث في كراتشي مؤامرة ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطياً في باكستان، «لأنها تتكبد الى جانب القطاع التجاري الباكستاني خسائر يومية تزيد على 200 مليون دولار بسبب إغلاق الأسواق وتأثر حركة الميناء في المدينة».ويشكل المهاجرون، وهم مسلمو الهند الذين يتكلمون اللغة الاوردية وهاجروا إلى المدينة لدى انفصال باكستان عام 1947، غالبية السكان في كراتشي، حيث يتواجد ايضاً أكثر من 3 ملايين من البشتون واكثر من مليون من البلوش، ومئات الآلاف من الكشميريين وحوالى نصف مليون بنجابي، إضافة إلى سكان المدينة الأصليين من قومية السند. وتسيطر حركة المهاجرين على قطاع الخدمات في المدينة، ويتغلغل أفرادها في اجهزة الأمن، وهي قادرة على شل المدينة خلال دقائق إذا اصدرت قيادتها اوامر بذلك.على صعيد آخر، بدأت في واشنطن الجلسات الأولى للحوار الاستراتيجي الباكستاني - الأميركي السنوي، والتي ستستمر ثلاثة أيام لبحث وسائل اصلاح العلاقة بين الحكومتين بعد التشنج الأخير الذي ساد التعاون الأمني بينهما، إثر قطع إسلام آباد لأيام طريق امدادات قوات الحلف الاطلسي (ناتو) في أفغانستان بعد مقتل 3 جنود باكستانيين في غارة جوية شنتها مروحيات اميركية داخل اراضيها.وستترجم هذه الجهود بتعهد واشنطن بمساعدات عسكرية ومدنية ضخمة لإسلام أباد، في مقابل حصد تعاون أمني أكبر من باكستان في ملاحقة تنظيم «القاعدة» في منطقة القبائل الحدودية مع أفغانستان. واعلن مسؤولون أميركيون أن تطوير المساعدات سيحصل عبر تقديم بلادهم معدات عسكرية وتدريب لمكافحة التمرد على مدى السنوات المقبلة. ويلتقي وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي نظيرته الأميركية هيلاري كلينتون غداً الجمعة لوضع ورقة العمل النهائية للاجتماعات.