عاشت أحياء في العاصمة التونسية هدوءاً حذراً أمس بعد يوم من المواجهات الدامية بين قوات الأمن ومئات من مؤيدي «أنصار الشريعة» السلفيين الذين حاولوا التجمع في العاصمة بعد تمسك الحكومة بقرارها منع ملتقاهم السنوي الثالث في مدينة القيروان. ولوحظ أن قوات الأمن إنكفأت من بعض الشوارع الشعبية في العاصمة خشية وقوع مواجهات جديدة خلال تشييع جنازة شخص تردد أنه سلفي قُتل في اشتباكات الأحد التي وضعت للمرة الأولى شريحة من التيار السلفي - الجهادي في مواجهة مباشرة مع الحكومة التي تقودها حركة «النهضة». ولعل الخطورة الأساسية في هذا التطور أن الطرفين باتا يستخدمان تعابير لا تُنبئ بمستقبل مستقر، إذ باتت حكومة «النهضة» تتحدث مباشرة عن «إرهابيين» موجودون في صفوف التيار السلفي - الجهادي، في حين لا ينفك هؤلاء عن وصف الحكومة التي يقودها الإسلاميون بأنها «طاغوت». وذكرت «فرانس برس» وتقارير لوسائل إعلام تونسية أن الهدوء عاد أمس إلى حي التضامن الشعبي، وسط تونس العاصمة، غداة المواجهات العنيفة بين سلفيين وعناصر الأمن والتي أوقعت قتيلاً واحداً على الأقل، بالإضافة إلى 18 جريحاً جلّهم من رجال الأمن. ونقلت الوكالة عن مصدر أمني وقيادي في «أنصار الشريعة» أن متظاهراً ثانياً قُتل خلال المواجهات التي جرت الأحد، إلا أن وزارة الداخلية اكدت أن وفاته لا علاقة باحداث لها بما جرى أول من أمس. وأفاد بلال الشواشي القيادي في «أنصار الشريعة» بأن «القتيلين» لا ينتميان الى جماعته وانهما ناشطان في حزب «شيوعي» معارض. وأعلن التلفزيون الرسمي أن الحياة عادت الى طبيعتها الاثنين في حي التضامن حيث فتحت المتاجر واستؤنفت حركة وسائل النقل العام (الحافلة والمترو) بعدما تعطلت الأحد. وقال شهود أن سكان حي التضامن شرعوا منذ الصباح الباكر في تنظيف الشوارع من «قناطير من الحجارة ورماد العجلات المطاطية المحروقة، والحواجز» التي استعملها السلفيون خلال مواجهاتهم مع الامن. وحي التضامن الذي يقطنه حوالي نصف مليون ساكن هو اكبر حي شعبي في تونس. وجاءت مواجهات الأحد لتضع السلفيين الجهاديين وجهاً لوجه في مواجهة «النهضة». وكان لافتاً أن رئيس الحكومة علي العريض وهو قيادي في «النهضة» أبدى في تصريح للتلفزيون الحكومي مساء الأحد صرامة تجاه جماعة «أنصار الشريعة» ووصفها ب «الارهابية». لكن «أبو عياض» زعيم «أنصار الشريعة» قال في تسجيل صوتي نشر ليلة الأحد - الاثنين على صفحة الجماعة على «فايسبوك» إن انصاره لن «يهزموا» رغم «مطاردة» قيادات التنظيم. ونقلت «فرانس برس» عن «ابو عياض» المتواري عن الانظار منذ أيلول (سبتمبر) الماضي «يعلم الله أني تمنيت أن أكون بينكم في هذه اللحظات التي تسطرون فيها بعزمكم وإصراركم وتوكلكم على الله صفحة مشرقة من تاريخ أمتنا». وقال «برقية إلى الطواغيت: علّمنا ديننا أن نشكر من يستحق الشكر.. وأنتم اليوم أحق الناس بالشكر فقد ارتكبتم من الحماقات ما كان سببا لنشر دعوتنا واغنائنا عن الاشهار لملتقانا فشكرا على الغباء والحماقة».