وضعت تونس قوات الامن والجيش في حالة تأهب قصوى تحسباً لأعمال عنف إثر إصرار جماعة "انصار الشريعة" المتشددة الموالية لتنظيم القاعدة، على عقد مؤتمرها السنوي الاحد في مدينة القيروان التاريخية (وسط غرب) رغم قرار وزارة الداخلية بمنعه. وقالت مراسلة لفرانس برس ان السلطات نشرت تعزيزات امنية كبيرة على الطرقات المؤدية الى مدينة القيروان (150 كلم جنوب العاصمة) لمنع المنتسبين الى "انصار الشريعة" من الوصول الى المدينة. وفي العاصمة تونس شرعت قوات الامن والجيش في تسيير دوريات مكثفة خصوصا في أحياء شعبية فقيرة تعتبر معاقل لجماعة "انصار الشريعة" التي لا تعترف بالقوانين الوضعية وتطالب بتطبيق الشريعة الاسلامية في تونس واقامة "دولة خلافة اسلامية". والجمعة اعلنت وزارة الداخلية في بيان قرارها منع مؤتمر انصار الشريعة "وذلك لما يمثله من خرق للقوانين وتهديد للسلامة والنظام العام". وأوضحت ان قرار المنع جاء "اثر اعلان ما يسمى بأنصار الشريعة عقد تجمع بالساحات العامة بمدينة القيروان (...) على خلاف القوانين المنظمة للتجمعات ولقانون الطوارئ، وفي تحد صارخ لمؤسسات الدولة وتحريض ضدها وتهديد للأمن العام". وحذرت وزارة الداخلية في بيانها من أن "كل من يتعمد التطاول على الدولة وأجهزتها أو يسعى إلى بث الفوضى وزعزعة الاستقرار أو يعمد إلى التحريض على العنف والكراهية سيتحمل مسؤوليته كاملة". ونبهت الى ان "أي محاولة للاعتداء على الأمنيين أو مقراتهم ستواجه بالشدة اللازمة وفي إطار القانون". وطمأنت "جميع المواطنين الى أقصى جاهزية قواتها الأمنية بالتعاون مع قواتنا المسلحة، لحفظ سلامتهم وممتلكاتهم والتصدي لكل مظاهر الفوضى وبث الفتنة في البلاد". والاربعاء اعلن سيف الدين الرايس الناطق الرسمي باسم "انصار الشريعة" ان الجماعة ستعقد مؤتمرها السنوي في القيروان وانها لن تطلب ترخيصا من وزارة الداخلية، وذلك في تحد للسلطات. وحمل الرايس الحكومة التي تقودها حركة النهضة الاسلامية الحاكمة مسؤولية "أي قطرة دم قد تراق" الأحد في القيروان. ودعا الرايس مشجعي اندية كرة القدم الكبيرة في تونس الى حضور مؤتمر الجماعة الذي اختارت له شعار "دولة الاسلام نبنيها". وبعد قرار وزارة الداخلية حظر المؤتمر دعت جماعة انصار الشريعة عبر صفحتها الرسمية في فيسبوك "كافة الإخوة الى عدم الانجرار وراء الاستفزازات وضبط النفس والتحلي بالصبر والالتزام بكل ما ينشر على الصفحة الرسمية" للجماعة. وحذر "حزب التحرير" الذي يطالب ايضا بتطبيق الشريعة واقامة دولة خلافة اسلامية في تونس في بيان نشره السبت من ان يكون يوم الاحد "صداميا دمويا" في القيروان. ودعا الحزب انصار الشريعة الى "إعلان تأجيل الملتقى مع تحميل السلطة المسؤولية كاملة أمام الله وأمام الرأي العام". وأثارت خطب تحريضية ضد قوات الامن والجيش ألقاها سلفيون متشددون مؤخرا في مساجد وخيمات دعوية غضب وزارة الداخلية التي قررت الاسبوع الماضي حظر الخيام الدعوية غير الحاصلة على تراخيص من الوزارة. وتضمن بعض هذه الخطب تكفيرا ل"الطواغيت" (عناصر الامن والجيش" ودعوات صريحة لقتلهم. وفي الثاني من الشهر الحالي ذبح سلفيون متشددون ضابط شرطة في مدينة جبل الجلود (جنوب العاصمة) وسرقوا أمواله. والاربعاء اعلن راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الاسلامية الحاكمة ان امام مسجد متطرف أفتى لهؤلاء ب"ذبح" ضابط الشرطة وبنهب امواله. وأعلن وزير الداخلية لطفي بن جدو الجمعة في تصريح لاذاعة "كلمة" التونسية الخاصة "لن نسمح بالتهديد بالقتل ولا بالتحريض على القتل ولا بالتحريض على الكراهية ولا بالسب ولا بالشتم ولا بنعتنا بالطواغيت". وقالت جريدة "الشروق" اليومية السبت ان نقابات امن ونشطاء سياسيين طالبوا السلطات بتصنيف جماعة انصار الشريعة ضمن التنظيمات "الارهابية". وحذرت السفارات الاميركية والالمانية والفرنسية في تونس امس رعايا هذه البلدان من التوجه الى القيروان نهاية هذا الاسبوع لاحتمال اندلاع مواجهات بين السلفيين وقوات الامن. في الاثناء عبرت وسائل اعلام عن قلقها من "تهور" سلفيين متطرفين وتنفيذهم اعمال "ارهابية" في تونس. وقالت جريدة "الشروق" اليومية "هناك اليوم خوف من سقوط تونس في دوامة العنف والارهاب". واعتبرت جريدة "المغرب" اليومية ان عدم اعتراف جماعة انصار الشريعة بالدولة التونسية ورفضها الالتزام بقوانينها "خطوة دالة على ان هذا التيار قد يكون اختار منطق الصدام والمواجهة مع المجتمع والدولة". يذكر ان انصار الشريعة تاسست بعد الثورة التي اطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي. وتلاحق الشرطة منذ اشهر مؤسس الجماعة "أبو عياض" المتهم بتدبير هجوم استهدف في 14 أيلول/سبتمبر 2011 السفارة الامريكية في العاصمة تونس. وقتلت الشرطة خلال الهجوم 4 سلفيين واعتقلت العشرات.