في الوقت الذي يفاخر جهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) بأن ذراعه قادرة على الوصول إلى حيث يشاء في الضفة الغربية، فإن قادته لم ينجحوا في الإقناع بأنهم عاجزون عن وضع حد لظاهرة الاعتداءات على الفلسطينيين على جانبي «الخط الأخضر» الفاصل بين اسرائيل والضفة الغربية، والتي ينفذها غلاة المستوطنين ومن يُعرفون ب «شبيبة التلال» تحت مسمّى «جباية الثمن». ومع اتساع ظاهرة الاعتداءات، خصوصاً على مساجد مواطنين من عرب داخل وممتلكاتهم، أفادت تقارير صحافية بأن عدداً من الوزراء تدارس سبل التصدي لعصابات اليمين تحسباً لرد فعل واسع من جانب عرب الداخل، فيما أخذت وزارة المعارف على عاتقها مهمة التعامل بقفازات حرير مع المتطرفين الصغار السن لثنيهم عن تنفيذ هذه الاعتداءات. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن اجتماعاً ضم وزيري الأمن الداخلي والقضاء والمستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشتاين ومسؤولين كباراً في جهاز «شاباك» عُقد أمس لمناقشة سبل مواجهة المتطرفين المنفلتين. وأضافت أن المجتمعين بحثوا إمكان تشديد الإجراءات ضد المتطرفين اليهود ووجوب التعامل معهم كالتعامل مع «الإرهابيين الفلسطينيين»، مثل منع التقائهم بمحاميهم خلال التحقيق معهم، تماماً كما يحصل مع محامي المعتقلين الفلسطينيين. وأشارت إلى أن المحكمة العليا سمحت قبل أيام، وفي شكل استثنائي، لجهاز الاستخبارات بمنع ثلاثة من «شبيبة التلال» مشبوهين بإحراق سيارات فلسطينيين من لقاء محاميهم إلى حين انتهاء التحقيق معهم. وتابعت أن بين الإجراءات التي تم بحثها «تجفيف مصادر التمويل لهذه العمليات الإرهابية» كما حصل حين تم سحب الدعم السياسي عن مستوطنة «يتسهار» التي تعتبر قاعدة لتصدير الأعمال التحريضية في أوساط المستوطنين. وأضافت أن جهاز الاستخبارات ضبط منشورات أصدرها حاخامات مدارس دينية للمستوطنين تتضمن تعليمات في شأن «الظروف التي يمكن المستوطن أن يقتل فلسطينيين أبرياء، بينهم أطفال، غير ضالعين في عمليات مسلحة، إضافة إلى الإشادة بأعمال العنف ضد قوى الأمن الفلسطينية، والدعوات إلى رفض أوامر عسكرية وإلى القيام بأعمال شغب. في المقابل، أفادت الصحيفة ذاتها بأن وزارة التربية والتعليم أقرت، بعد التنسيق مع «شاباك» ووزارتي القضاء والرفاه الاجتماعي، إعداد برنامج تعليمي وتثقيفي خاص ل «شباب التلال» الصغار السن من غلاة المتطرفين المنتشرين على تلال الضفة الغربية لثنيهم عن المشاركة في عمليات «جباية الثمن». وأضافت أن البرنامج الذي يحمل عنوان «الراعي اليهودي» يحض الشباب على تعزيز روح القيَم لديهم» وحرف مسارها إلى ما يفيدهم شخصياً وفي مصلحة الدولة. وجاء في رسالة مديرة وزارة التعليم أن البرنامج هو جزء من الوسائل والسبل للقضاء على ظاهرة الإجرام على خلفية قومية. ويقضي البرنامج بالاهتمام بالقاصرين في سن 14-18 عاماً «لاحتضانهم» والعمل على منع انحرافهم نحو «شباب التلال» وتثقيفهم على المواطنة الصالحة. تقنين 4 بؤر استيطانية في غضون ذلك، كشفت صحيفة «هآرتس» أن النيابة العامة بلّغت المحكمة العليا موقف الحكومة من قرار هدم أربع بؤر استيطانية عشوائية في الضفة الغربية أقيمت من دون قرار حكومي، مشيرة الى ان الحكومة تعتزم إضفاء الشرعية على هذه البؤر لتصبح قانونية. وأضافت أن هذا الموقف اتخذ بفعل ضغوط كبيرة مارسها المستوطنون على الحكومة من أجل منع إخلاء البؤر الاستيطانية الأربع، علماً أن الحزب الذي يمثل المستوطنين في الحكومة (البيت اليهودي) هو ثاني أهم شريك فيها. وجاء تبليغ هذا الموقف رداً على التماس قدمته حركة «سلام الآن» اليسارية إلى المحكمة طالبت فيه بتنفيذ قرار إخلاء هذه البؤر. وأكدت النيابة أن الحكومة تعتزم إضفاء الشرعية على هذه البؤر لتصبح قانونية. ويتوقع أن تبت المحكمة العليا الأسبوع المقبل. وحذر الأمين العام لحركة «سلام الآن» يريف أوبنهايمر من أن يشكل هذا الموقف عائقاً خطيراً في طريق المحاولات الأميركية لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ووصف وزير الدفاع موشيه يعالون بأنه «ناشط يميني متطرف ويتعاون مع شبيبة التلال، ويعمل على تشريع بؤر استيطانية صدرت قرارات بإخلائها». في هذا الصدد، قال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إن «هذا القرار يعمل على تدمير الجهود الأميركية المبذولة لإحياء عملية السلام»، مضيفاً: «جميع أشكال الاستيطان في الأرض الفلسطينية غير قانوني وغير شرعي ويجب وقفه فوراً». وتابع: «إن القرار الإسرائيلي يثبت مرة أخرى السياسة الإسرائيلية المستمرة بتخريب الجهود التي تبذلها الإدارة الأميركية لإنقاذ عملية السلام وتحقيق الاستقرار الذي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس».