كشفت وثيقة جديدة من وثائق «ويكيليكس» أن قادة مجلس المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية يتبنون، في اجتماعاتهم المغلقة، مواقف تكاد تكون معاكسة للمواقف المتطرفة التي يطلقونها على الملأ. إذ تكشف الوثيقة، التي نشرت مضمونها صحيفة «هآرتس» أمس أن رئيس مجلس المستوطنات داني ديان أكد أمام مسؤولي السفارة الأميركية في تل أبيب في أكثر من مناسبة أن مستوطنين مستعدون لإخلاء منازلهم في مستوطنات الضفة الغربية لقاء «تعويض مالي محترم». وخلال الاجتماعات المغلقة التي تمت بين الطرفين وجه ديان انتقادات شديدة اللهجة لعدد من زملائه في مجلس المستوطنات والمستوطنين المتطرفين على الاعتداءات الجسدية التي ينفذونها ضد الفلسطينيين، مبدياً تأييده لإزالة حواجز عسكرية إسرائيلية في المدن الفلسطينية في الضفة الغربية ووجوب حماية حقوق المواطن الفلسطيني. ورداً على سؤال لأحد موظفي السفارة الأميركية لديان حول موقف المستوطنين من مشروع «إخلاء مقابل تعويض» الذي يطرحه بعض المسؤولين الإسرائيليين، أي إجلاء مستوطنين (الحديث عن مستوطنات في قلب الضفة الغربية) بعد تعويضهم مالياً، قال ديان إنه كخبير اقتصادي وأيضاً اعتماداً على ما سمعه من مستوطنين من هذه المسألة، «هناك مستوطنون مستعدون لإخلاء منازلهم في حال تلقوا تعويضاً مالياً محترماً». إلى ذلك قال ديان في اجتماع مغلق آخر مع موظفي السفارة إنه يشعر «بالخزي والخجل» من عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين و «ممارسات فظيعة من ناحية أخلاقية». وأضاف إن «عمليات الانتقام من فلسطينيين» التي يقوم بها مستوطنون كرد فعل على كل عملية يقوم بها الجيش ضدهم (المستوطنين) على خلفية البناء غير المرخص في البؤر الاستيطانية «هي خطأ ولا تخدم مصلحة المستوطنين». وأيده في هذا الموقف قيادي آخر في مجلس المستوطنات هو الياكيم هعتسني الذي تحدث عن وجوب تدخل الحاخامات المرشدين ل «شباب التلال» (المستوطنون المتطرفون الذين ينفذون الاعتداءات) لمنعهم من تنفيذ مثل هذه الاعتداءات. وتشير الوثيقة في هذا الصدد إلى «ازدواجية اللغة» لدى ديان، فأمام موظفي السفارة يعلن أن قيام الجيش بإخلاء بؤر استيطانية صغيرة «لا يثير قلقي حتى الآن»، بينما يصرح لوسائل الإعلام الإسرائيلية أنه «في حال أقدمت الحكومة على إخلاء بالقوة لأي من البؤر فإنها ستتحمل مسؤولية عن النتائج، لأننا سنتصدى بمقاومة شديدة وصارمة لأي إخلاء وسندعو كل المستوطنين لمقاومته». وزاد أن «الحكومة الإسرائيلية الحالية تعلم جيداً أن هذه البؤر أقيمت في عهد حكومات ليكود بل هي التي بنتها». ويؤيد ديان، وجوب العمل على تحسين ظروف حياة الفلسطينيين تحت الاحتلال وإزالة حواجز عسكرية لجيش الاحتلال وتحسين الوضع الاقتصادي واحترام حقوق الإنسان الفلسطيني في الضفة الغربية. وفي لقاء آخر مع القنصل الأميركي السابق برر ديان عنف المستوطنين بالانفصال الإسرائيلي أحادي الجانب عن قطاع غزة وإخلاء آلاف المستوطنين، وبالقرارات التي تتخذها المحكمة العليا ضد المستوطنين، كما قال. وتحدث ديان عن «ارتباطه العميق بيهودا والسامرة (الضفة الغربية) مضيفاً أن للمستوطنين الحق الأخلاقي في الاستيطان في الضفة الغربية»، لكنه يتابع أنه يتفهم أيضاً أن للفلسطينيين مشاعر مماثلة. ويرفض ديان «حل الدولتين للشعبين»، مبرراً ذلك بنتيجة الانسحاب من غزة وتعرض إسرائيل لقصف بالقذائف الصاروخية، ويرى أن الصراع مع الفلسطينيين «غير قابل للحل» وأن إقامة دولة فلسطينية «معناها القضاء على إسرائيل». وسارع ديان أمس إلى «توضيح» مواقفه، وقال للإذاعة العسكرية إن ما قصده هو أنه «كلما كان مبلغ الرشوة أكبر، كلما زاد عدد المستوطنين المستعدين لإخلاء منازلهم في المستوطنات مقابل تعويض كبير»، مضيفاً أن «عدد المستوطنين الذين سيوافقون على الإخلاء قليل». وزاد أن موقفه المعارض لاعتداءات مستوطنين على فلسطينيين معروف للجميع، وأوضح أن هذا الموقف «لا يعني أنني مع الفلسطينيين، إنما مع الأخلاق اليهودية». وزاد: «عدنا إلى يهودا والسامرة (الضفة الغربية) لأنها بيتنا، وتفهمي للفلسطينيين لا يعني أنني أؤيدهم».