شهدت الأوضاع الأمنية والسياسية في اليمن أمس، مزيداً من المواجهات التي تُنذر بانهيار العملية الانتقالية ودخول البلد في صراع طائفي. وتجددت الاشتباكات بين جماعة الحوثيين ومسلحين موالين لحزب «الإصلاح» في محافظة إب (170 كيلومتراً جنوبصنعاء)، وسقط 21 قتيلاً غالبيتهم من الحوثيين الذين انسحبوا من مدينة رداع إلى أطرافها الغربية بعد تعرّضهم لهجمات عنيفة من مسلحي تنظيم «القاعدة»، أوقعت عشرات القتلى والجرحى في صفوفهم. واستخدم التنظيم سيارات مفخخة ومكامن، وقالت مصادر قبلية ل «الحياة» «إن اشتباكات ضارية اندلعت بين الجانبين عقب سيطرة الحوثيين على رداع مساء الجمعة، وأن «عدد القتلى يقدّر بالعشرات في ظل تكتّم الطرفين على حجم خسائرهما». واقتحم مسلحو الجماعة موقعاً عسكرياً استراتيجياً يطل على صنعاء، وتظاهر ضدهم آلاف من اليمنيين في مدينتي تعز والحديدة، في حين أمهلهم ناشطو «الحراك التهامي» 24 ساعة لمغادرة مناطق الحديدة التي استولوا عليها قبل أيام. وأكدت مصادر أمنية وشهود ل «الحياة»، أن مسلحين موالين لحزب «الإصلاح» (الإخوان المسلمين) اعترضوا ليل الجمعة تعزيزات للحوثيين في مدينة يريم التابعة لمحافظة إب (60 كيلومتراً شمال إب) ما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل أربعة من الجانبين، قبل أن تتجدد المواجهات صباحاً بهجوم استُخدمت فيه قذائف «آر بي جي» وطاول مركبتين للحوثيين ما أدى إلى مقتل 17 شخصاً». وأشارت المصادر إلى أن الحوثيين شنوا بعد الهجوم حملة دهم في المدينة، موضحة أن وساطة لوجهائها أدت إلى التهدئة للبحث في حلول تكفل تجنيب المدينة مزيداً من العنف. في الوقت ذاته شهدت مدينة إب (مركز المحافظة) هدوءاً نسبياً بعدما استقال مدير الشرطة فيها القريب من الإصلاحيين. وروى شهود ل «الحياة»، أن الحوثيين استقدموا تعزيزات إلى مدينة إب، في وقت ينتظر أن تلتقي الأطراف السياسية لتوقيع اتفاق تم التوصل إليه الجمعة، يقضي بخروج جميع المسلحين من المدينة. كما أكدوا توقف بث الإذاعة فيها بعدما تضرر مبناها خلال اشتباكات الجمعة بين الحوثيين ومسلحي قبائل موالية لحزب «الإصلاح»، والتي أوقعت عشرين قتيلاً من الجانبين. وفي ظل التوسع الحوثي المسلح في المحافظات الشمالية والغربية، تظاهر آلاف في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر ضد جماعة الحوثيين، التي أحكمت سيطرتها على المدينة قبل أيام، فيما أمهل ناشطو «الحراك التهامي» الذين نظموا التظاهرة، مسلحي الجماعة 24 ساعة للخروج من المحافظة. وفي تعز (جنوب غرب) نددت تظاهرة شبابية باجتياح الحوثيين محافظات يمنية، مطالبة بفرض سلطة الدولة ووضع حد للميليشيات المسلحة، في حين اتهم حزب «الإصلاح» المسلحين الحوثيين في صنعاء باقتحام منزل الأمين العام المساعد للحزب شيخان الدبعي، استمراراً لحملات دهم وتفتيش واسعة نفذتها الجماعة وطاولت منازل ومؤسسات تابعة لأعضاء في الحزب. وكان مسلحو الجماعة اقتحموا ليل الجمعة موقعاً عسكرياً استراتيجياً في جبل «الخضيم» شرق صنعاء من دون مقاومة، وأجبروا 200 جندي وضابط على مغادرة الموقع، بالتزامن مع بدء الجماعة تفكيك بعض مخيمات معتصميها في شارع المطار في العاصمة. وما زال اليمن يعاني تفاقم الاضطراب الأمني، الذي زاد حدته سقوط صنعاء في قبضة الحوثيين في 21 أيلول (سبتمبر) الماضي وسيطرتهم الدراماتيكية على معظم المحافظات الشمالية والغربية، في حين تتكثف في المقابل هجمات تنظيم «القاعدة».