أطلقت هيئة السوق المالية السعودية استطلاعاً في شأن عدد من الإجراءات الهادفة لتطوير سوق الأسهم، في خطوة يرى خبراء أنها ستضمن تحقيق مزيد من العدالة والحماية للمستثمرين. وبدأت الهيئة استطلاع الآراء في شأن قواعد جديدة مقترحة للتعامل مع الشركات التي تتجاوز خسائرها 50 في المئة من رأس المال، وقدمت السوق السعودية اقتراحاً بتعديل آلية احتساب سعر الإغلاق لتكون وفقاً لمتوسط سعر الصفقات وليس بحسب سعر آخر صفقة المعمول به حالياً. ويرى خبراء ومحللون في السوق أن تلك الخطوات ستعمل على زيادة الشفافية والثقة بالسوق، وترفع مستوى حماية المستثمرين من التلاعبات والمضاربات، كما ستعمل على الفصل بين الشركات ذات الأداء القوي والأخرى الضعيفة. ويتعامل المشروع المقترح للهيئة بصورة تدريجية مع الإجراءات التي تتخذ ضد الشركات المدرجة التي تتجاوز خسائرها 50 في المئة من رأس المال، تبدأ بوضع علامة على الشركة بموقع السوق توضح نسبة الخسائر في اليوم الثاني للإعلان عن النتائج المالية. ويلزم المشروع الشركات بإعداد خطة لتعديل أوضاعها وإطفاء الخسائر واطلاع المستثمرين على الخطوات المتخذة في هذا الصدد، وتقديم قوائم مالية شهرية توضح التطورات. ولا يلغى إدراج الشركة إلا في حال فشلها في تقديم خطة لتعديل أوضاعها ومرور سنتين ماليتين تتجاوز فيهما الخسائر نسبة 75 - 100 في المئة أو أكثر من دون تعديل. ويقترح المشروع أن تقوم المقاصة بتنفيذ أوامر بيع وشراء أسهم الشركة بعد يومين من إجراء المعاملة في حال راوحت خسائر الشركة بين 75 و100 في المئة بدلاً من تنفيذها في اليوم نفسه. أما في حال تجاوزت الخسائر 100 في المئة فيجري التداول عن طريق مركز الإيداع. وبحسب النظام المعمول به حالياً تقوم هيئة السوق المالية بوقف أسهم الشركات عن التداول في حال تجاوزت خسائرها المتراكمة 75 في المئة من رأس المال، ويستأنف التداول عند تعديل أوضاع الشركة، وهو ما حدث مع شركات مثل الاتصالات المتنقلة زين، واتحاذ عذيب. ويقول كبير المحللين رئيس الأبحاث لدى الاستثمار كابيتال مازن السديري، إن القرار سيصب في مصلحة الاقتصاد الوطني قبل أي شيء، وسيعمل على ألا تتبدد مدخرات المجتمع في شركات فاسدة وخاسرة. ويضيف: «القرار رسالة تنبيه لإدارات الشركات للتركيز على جودة الأصول والسيولة ونسبة الديون، وسيعزز الشفافية والثقة بالسوق ويطمئن المستثمرين بأن هناك جهات رسمية تتولى مراقبة الشركات الضعيفة». من جانبه، يقول رئيس الأبحاث والمشورة لدى شركة البلاد للاستثمار تركي فدعق، إن هناك أربع شركات في الوقت الحالي تتجاوز خسائرها 50 في المئة في قطاعي الزراعة والتأمين، إلى جانب أربع شركات موقوفة عن التداول، بينما توجد نحو 30 إلى 40 شركة نزلت قيمتها الدفترية دون عشرة ريالات للسهم، أي تجاوزت خسائرها المتراكمة عشرة في المئة من رأس المال. وخلال الأسبوع الماضي صدر قرار بإلغاء ترخيص الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة وتصفيتها في سابقة هي الأولى من نوعها بالسوق، كما أوقفت الهيئة التداول على شركات محمد المعجل والباحة وبيشة الزراعية في أوقات سابقة لتجاوز الخسائر 75 في المئة من رأس المال. وقال فدعق: «أعتقد أن الأمر بمحصلته يهدف لتصنيف السوق إلى سوق أولى تضم الشركات ذات القوائم المالية الجيدة، وسوق ثانية تضم الشركات التي تتكبد خسائر تتجاوز 50 في المئة من رأسمالها». ويوافقه الرأي رئيس إدارة الأصول لدى مجموعة بخيت الاستثمارية هشام تفاحة، الذي يقول إن عدداً من الخبراء والمحللين طالبوا في ما مضى بعمل سوق موازية للشركات التي تتكبد خسائر. ويضيف: «من الإجحاف أن يعلق التداول، لكن ينبغي تنبيه المستثمرين الذين يحبون أخذ المخاطر إلى القوائم المالية للشركات الضعيفة. هناك شركات تغير إدارتها وتجري إعادة هيكلة وتكون نظرتها المستقبلية إيجابية، وهو ما حدث مع شركات مثل عذيب وزين». من ناحية أخرى، أصدرت السوق المالية السعودية استطلاعاً في شأن تغيير آلية احتساب سعر إغلاق الأسهم ليكون وفقاً للمتوسط الحسابي للصفقات، وليس وفقاً لسعر آخر صفقة تمت، وهو ما يراه محللون خطوة إيجابية في الحد من المضاربات والتلاعب. وتعليقاً على القرار قال تفاحة: «القرار صائب وسليم ويصب في مصلحة السوق التي تشهد عمليات تلاعب وصفقات تهدف للتأثير في سعر الأسهم. القرار سيحقق مزيداً من العدالة». وزاد: «ليس من الطبيعي أن يجري التداول طوال اليوم بسعر 100 ريال على 100 ألف سهم وقبل الإغلاق يجري تنفيذ صفقة على 200 سهم بسعر 95 ليكون سعر الإغلاق 95 ريالاً». وقال فدعق: «القرار في حال تنفيذه سيلغي أي محاولات من المضاربين لإتمام صفقات في اللحظات الأخيرة للتأثير في سعر الإغلاق. القرار معمول به في أسواق الإمارات وهذه خطوة نحو تكامل معايير الإفصاح على مستوى دول الخليج».