جالت «الحياة» بحي القزاز في محاولة لمعرفة مشكلاته وصحة ما يقال عنه، وبخاصة بعد أن تلقت مجموعة من الشكاوى، التي أكدت حاجة الحي إلى المزيد من تسليط الضوء عليه بسبب ما فيه من «مخالفات نظامية وسلوكية»، على حد قول المشتكين. والملاحظة الأبرز التي تستوقف أي زائر، هي سوء تخطيط الحي واستحالة انسيابية الحركة المرورية فيه، كما أن المباني تعاني من التصدع والشروخ الواضحة. وكان اللافت أيضاً، جموع الوافدين التي تتكدس على جانبي الطريق، فحاولنا سؤالهم عن سبب هذا التجمع، وهل الداعي له أمر طارئ يتعرض له الحي؟ فكانت إجابتهم، على رغم قصرها والتحفظ الكبير فيها، توحي بانغلاق الحي على نفسه، وأن ما يجرى الآن لا يعدو أن يكون وضعاً طبيعياً يتكرر يومياً. وبصعوبة استطعنا أن نجد مدخلاً للحديث معهم، ليتضح فيما بعد أنهم مجموعة من العمالة التي تقوم بمهمات البناء ويتقاضون في مقابلها مبالغ «مجزية». ويرى رجاء الدوسري، أن حي القزاز، «لم يعد صالحاً للسكن مع مجموعة أحياء في الدمام، مثل البادية والعدامة والعمامرة»، موضحاً أن «هذه الأحياء خلت من الأُسر السعودية التي كانت تقطنها قبل 30 عاماً»، مشيراً إلى أن «خطة تنفذها بعض العصابات في تلك الأحياء، بهدف طرد المواطنين والضغط عليهم وإشعارهم بالخوف وأنهم غير مرحب بهم، وبالتالي يتركون منازلهم ويتحول السعوديون إلى جالية صغيرة وليسوا أبناء البلد». ويسرد الدوسري مجموعة من المواقف التي حصلت معه ومع غيره قائلاً: «كنت أقطن هذا الحي مستأجراً، لصعوبة تملك منزل في هذا الزمن، القاسي على ذوي الدخل المحدود. ومع مرور الوقت، وجدت أن الحي يشهد تحولاً كبيراً، ليس فقط في جنسيات من يقطنوه، ولكن في سيطرة الوافدين على إدارة المكاتب العقارية، وامتناعهم عن إسكان السعوديين». ويؤكد رجاء، أن هذه الجهود أدت إلى «تقليص عدد السعوديين، والتضييق عليهم. ويدعي العاملون الأجانب في مكاتب العقار أن من يقف خلف ذلك مُلّاك المنازل والعمائر السكنية». وعرض أمثلة على ذلك ك«إطفاء الكهرباء في وقت الذروة أو قرع الأجراس في أوقات القيلولة أو مضايقة الأطفال الصغار وإرهابهم من اللعب أمام منازلهم، أو إيقاف الشاحنات الكبيرة أمام المنازل في شكل متعمد يؤدي إلى تكسير الشوارع... وغيرها من التصرفات المنفرة، وتكون المفاجأة عندما نقوم بمراجعة المكتب العقاري، للشكوى من هذه التصرفات، فيقال لنا إن تلك رغبة الملاك، لدفعنا للخروج من منازلنا». وتواصلت «الحياة»، مع مجموعة من مكاتب العقار في حي القزاز للتثبت مما ذكره الدوسري، فكانت إجابة العاملين الأجانب في تلك المكاتب «الاعتذار، لعدم توافر منازل للإيجار حالياً». وحين اتفقت «الحياة» مع مقيمين من جنسيات مختلفة، راجعوا المكاتب ذاتها وسألوهم عن مساكن متاحة للتأجير حالياً، فكانت إجابة العاملين في مكاتب العقار «نعم»، وأكدوا وجود «مجموعة من الخيارات المتاحة». وعما إذا كانت أزمة السكن أسهمت في وجود أحياء لا يسكنها السعوديون، سواء بداعي الغلاء أم سيطرة الأجانب عليها. يرى المدون عصام الزامل أن «السعوديون بين نارين: ارتفاع الإيجارات التي أجبرت الكثيرين منهم على البحث عن أحياء أخرى تكون الإيجارات فيها أقل كلفة، ونار بعض السماسرة ووسطاء العقار الذين لا يرغبون بالتأجير للسعوديين لدوافع مختلفة». وأضاف أن «أزمة السكن في المملكة ستستمر»، عازياً السبب الرئيس إلى «ارتفاع أسعار الأراضي، الذي أدى إلى رفع الكلفة الإجمالية لتملك المسكن»، واعتبر أن «رفع كلفة الاستثمار في العمائر والشقق السكنية، قلص معروض تلك الشقق ورفع إيجاراتها»، عازياً ارتفاع أسعار الأراضي إلى «وجود أراضٍ بيضاء بمساحات واسعة مملوكة لأفراد يستخدمون تلك الأراضي وسيلةً لادخار الثروة والمضاربة بدلاً من استثمار تلك الأراضي»، مشيراً إلى أن «غياب أنظمة تمنع هذا الاحتكار، وتمنع الاحتفاظ بتلك الأراضي من دون استخدام، هو الذي تسبب في استمرار ارتفاع أسعار الأراضي، وبالتالي تزايد حدة أزمة السكن في تلك الأحياء الشعبية أو غيرها».