شهدت الانتخابات النيابية في باكستان أمس، اقبالاً «تاريخياً» على التصويت، توقع مراقبون ان يتجاوز 60 في المئة من عدد الذين يحق لهم التصويت (86 مليوناً)، علماً أن نسبة المقترعين في الانتخابات السابقة لم تتجاوز 44 في المئة. وعكس ذلك احتدام التنافس بين المرشحين، في وقت نفذت حركة «طالبان باكستان» التي دعت الى مقاطعة الاقتراع، تهديداتها بشن هجمات أسفرت عن حوالى 20 قتيلاً وعشرات الجرحى في انحاء البلاد. واستهدف الهجوم الأكبر للحركة مدينة كراتشي (جنوب)، كبرى مدن باكستان، حيث قتل 11 شخصاً بتفجير أمام مقر حزب «رابطة عوامي». كما اندلعت اشتباكات بين انصار الأحزاب في المدينة، بعدما اتهمت «الجماعة الإسلامية» و»جمعية علماء باكستان» أنصار «حركة المهاجرين» القومية بتزوير، اثر اقتحامهم مراكز تصويت واستيلائهم على أوراق اقتراع. وأعقب ذلك اعتراف اللجنة الانتخابية بأنها عجزت عن ضمان انتخابات حرة ونزيهة في كراتشي، من دون ان توضح هل يعني ذلك اعادة الاقتراع. وتكثف اقبال الناخبين الشبان والنساء في انحاء البلاد، بعد دعوة زعيم «حركة انصاف» المعارضة نجم الكريكت السابق عمران خان الناخبين للتصويت في الانتخابات البرلمانية لشغل 272 مقعداً، واحداث التغيير الذي تحتاجه باكستان للتخلص مما سماه خان «النخب الفاسدة في الحكم». وتحالف انصار خان في البنجاب، أكبر اقاليم باكستان لجهة الكثافة السكانية، مع «حزب الشعب» الذي قاد الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته، بهدف إلحاق هزيمة برئيس الوزراء السابق نواز شريف ومنع حزبه «الرابطة الاسلامية» من كسب غالبية مقاعد البرلمان، وهو ما ترجحه استطلاعات الرأي. وأظهرت النتائج الأولية لفرز الأصوات تقدم حزب شريف في اقليم البنجاب واقليم هزارة ومنطقة أبوت آباد، حيث قتلت وحدة كوماندوس اميركية زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن قبل سنتين، في حين تقدم مرشحو حزب عمران خان في مسقط رأسه ميان والي وروالبندي وبيشاور، كبرى مدن منطقة القبائل (شمال غرب). وجاء التقدم في بيشاور على حساب مرشحي «جمعية علماء الإسلام» القريبة من شريف وحركة «طالبان باكستان». وحافظ «حزب الشعب» بزعامة الرئيس علي آصف زرداري على تقدمه في مقاعد الأرياف بإقليم السند، فيما لم يتقدم مرشحوه في باقي الدوائر، وبينهم رئيس الوزراء السابق راجا برويز أشرف في البنجاب والرئيسة السابقة للبرلمان فهميدة ميرزا في اقليم السند. وقد يمهد ذلك لهزيمة نكراء للحزب الذي تصدر الانتخابات البرلمانية عام 2008، بعد مقتل زعيمته السابقة بينظير بوتو وأفادته من التعاطف الشعبي الذي تلى اغتيالها نهاية عام 2007. ويستبعد مراقبون امكان كسب أي حزب غالبية مقاعد البرلمان، ما يعني تشكيل حكومة ائتلافية بين أحزاب. وأعلن «حزب الشعب» استعداده لمنح عمران خان رئاسة الوزراء اذا لم يحقق حزب شريف الغالبية، علماً انه سحب عدداً من مرشحيه لمصلحة مرشحي حزب عمران خان.