شهدت الانتخابات العامة في باكستان أمس، أعمال عنف غير مسبوقة في مدن ومراكز اقتراع عدة، أسفرت عن حوالى 20 قتيلاً، وتسببت في اعتراض أحزاب على عملية الاقتراع، خصوصاً في كراتشي (جنوب)، كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، حيث اتهمت «الجماعة الإسلامية» و «جمعية علماء باكستان» أنصار «حركة المهاجرين» القومية بالاستيلاء بالقوة على مراكز الاقتراع وطرد موظفي لجنة الانتخابات منها، والحصول على أوراق الاقتراع فارغة، قبل أن يعلنا سحب مرشحيهما ومقاطعة العملية الانتخابية في كراتشي وحيدر آباد. وقدم «حزب الشعب» الحاكم بزعامة الرئيس آصف علي زرداري شكوى إلى لجنة الانتخابات عن أعمال فوضى أثارها أنصار «حركة المهاجرين»، فيما اعلن المعارضان البارزان نواز شريف وعمران خان رفضهما نتائج الانتخابات في كراتشي بعد أعمال العنف التي نفذتها «حركة المهاجرين» في عدد من المناطق. وأعقب ذلك إعلان اللجنة الانتخابية أنها عجزت عن إجراء انتخابات حرة ونزيهة في كراتشي، من دون أن تكشف إذا كان ذلك يعني إعادة الاقتراع، علماً أن محطات تلفزيون بثت صوراً من مراكز اقتراع تظهر عمليات تزوير، ومحاولة مسلحي «حركة المهاجرين» التلاعب بأوراق الاقتراع. وأدى تفجير استهدف القيادي في حزب «رابطة عوامي» بكراتشي، أمان الله محسود، إلى مقتل 11 شخصاً وجرح حوالى 40 آخرين، وتلاه انفجاران آخران، أحدهما أمام مقر حزب «رابطة عوامي». وتبنت حركة «طالبان باكستان» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» الهجوم، علماً أن عناصرها قتلوا أكثر من 120 شخصاً في أعمال عنف منذ انطلاق الحملة الانتخابية في 11 نيسان (أبريل) الماضي، والتي تعتبرها الحركة منافية للإسلام وتقاتل من أجل إطاحة الحكومة المدعومة من الولاياتالمتحدة. وصبت «طالبان» جام غضبها على الأحزاب ذات الانتماءات العلمانية، مثل «حزب الشعب» وحزب «رابطة عوامي»، ما منع مرشحين كثيرين من تنظيم حملات علنية خشية اغتيالهم. إلى ذلك، سقط 4 قتلى في اشتباك مسلح بإقليم بلوشستان (جنوب غرب)، فيما أسفر انفجار قنبلة أمام مركز اقتراع نسائي في مدينة بيشاور بإقليم خيبر بختونخوا القبلي (شمال غرب) عن جرح 8 أشخاص، وتسبب انفجار آخر قرب مدرسة تستخدم كمركز للاقتراع في سقوط 12 جريحاً بينهم أطفال. ودوّى انفجار آخر قرب مسجد في ضواحي بيشاور يبعد 400 متر من أحد مراكز الاقتراع، لكنه لم يسفر عن ضحايا بسبب تفجير الانتحاري نفسه قبل بلوغ هدفه. وفيما أجريت عملية التصويت في شكل سلمي، خصوصاً في إقليم البنجاب، حيث يتركز أكثر من نصف دوائر الاقتراع في البلاد، منع قبليون النساء من الوصول إلى مراكز الاقتراع في إقليم شمال وزيرستان القبلي (شمال غرب) وبيشاور، بينما وافقت «الجماعة الإسلامية» و «حزب الشعب» على قرار مجلس القبائل (جركا) في منطقة دير، مَنْع النساء من الاقتراع، بسبب مخالفة الأمر التقاليد القبلية. وبلغت نسبة المقترعين من اصل 86 مليون ناخب دُعوا إلى الإدلاء بأصواتهم 30 في المئة بحلول ظهر امس، فيما توقع مراقبون أن تناهز 60 في المئة عند إغلاق صناديق الاقتراع. وستكون نسبة المشاركة أحد مفاتيح الانتخابات، علماً أنها قدّرت ب 44 في المئة عام 2008. ويواجه المراقبون صعوبة في معرفة إذا كانت المشاركة القوية للشبان المتعطشين إلى التغيير سترفعها، أم سيؤدي الخوف من الاعتداءات إلى تراجعها. ومن مطالب التغيير في البلاد معالجة الاقتصاد الضعيف والفساد المستشري والانقطاعات المتواصلة في الكهرباء، وتداعي البنية التحتية. وكتب المحامي البارز بابار ستار في صحيفة «ذا نيوز»: «الفريق الذي ننتخبه اليوم سيحدد إذا كان التدهور سيتوقف أم سننزلق أكثر في الهاوية».