رفعت السلطات السودانية درجة استعداد الأجهزة الأمنية والعسكرية في ولاية الخرطوم والولاية الشمالية المتاخمة للحدود المصرية وشرعت في فتح معسكرات للتدريب العسكري لمواجهة أي هجوم محتمل من تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية»، فيما قرر وزير الدفاع الإقامة في مكتبه لإدارة العمليات العسكرية الجارية في ولايات دارفور وكردفان. وأعلنت اللجنة العليا للتعبئة والاستنفار في محافظة الخرطوم برئاسة المحافظ عمر نمر، فتح معسكرات الدفاع الشعبي للتدريب العسكري، وقررت إعداد كتيبة لتأمين المحافظة. وجاء ذلك بعد تهديد تحالف «الجبهة الثورية» التي تتألف من فصائل التمرد في دارفور و «الحركة الشعبية - الشمال»، بتوسيع نطاق نشاطها العسكري ووصولها إلى ولاية شمال كردفان المتاخمة للخرطوم قبل أسبوعين. وأكد نمر أنه سيتم افتتاح معسكرين الجمعة المقبل، فضلاً عن افتتاح معسكر مغلق لقيادات المكاتب التنفيذية في المحافظة، بهدف استيعاب 400 مجنّد من القيادات والأفراد من قطاعات الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم والشباب والطلاب والمرأة وقوات الدفاع الشعبي والخدمة الوطنية والشرطة الشعبية، مشيراً إلى أن قرار فتح المعسكرات جاء إثر هجوم «الجبهة الثورية» على ولايتي شمال كردفان وجنوبها. وكشف محافظ أم بدة في أم درمان غرب ولاية الخرطوم عبداللطيف فضيلي، أن السلطات رفعت استعدادها لرصد الحدود الغربية للولاية تحسباً لتسلل عناصر من «الجبهة الثورية»، موضحاً أن أجهزة الأمن تراقب «خلايا نائمة» وترصد تحركات عناصرها. وأكد انتشار منسوبي اللواء 25 والأجهزة الأمنية على الشريط الحدودي مع الولايتين الشمالية وشمال كردفان، بجانب إنشاء جسر ترابي ونقاط مراقبة خارج ولاية الخرطوم لرصد وملاحقة أي تحركات مربية، لافتاً إلى أن سيناريو اقتحام الخرطوم كما فعلت قوات متمردي «حركة العدل والمساواة» بزعامة الراحل خليل إبراهيم -في أيار (مايو) العام 2008- لن يتكرر. وأفادت تقارير أمس، أن وزير الدفاع عبدالرحيم حسين قرر الإقامة في مكتبه لإدارة العمليات العسكرية الجارية في ولايات دارفور وجنوب كردفان على رغم إصابته بانزلاق غضروفي أقعده عن الحركة بعد زيارته مناطق الرهد وأم روابة في أعقاب هجوم التمرد على أبو كرشولا وأم روابة أخيراً. وكشفت التقارير أن حسين رفض الإقامة في المستشفى وفق قرار الأطباء بالبقاء تحت العناية الطبية أسبوعاً، لكنه يتلقى العلاج في مكتبه. وتحدثت التقارير عن رصد السلطات نيات من متمردي «حركة العدل والمساواة» برئاسة جبريل إبراهيم الهجوم على ولايتي الشمالية ونهر النيل في شمال البلاد انطلاقاً من قاعدتها الرئيسية في وادي هور بولاية شمال دارفور لتوسيع نطاق المواجهة بين القوات الحكومية والمتمردين وانهاك الجيش وتشتيت قدراته. واستقبل وزير الدفاع مجموعة من رؤساء تحرير الصحف المحلية نهاية الأسبوع ووضع أمامهم خريطة كبيرة للسودان وجنوب كردفان لشرح مواقع تمركز قوات تحالف «الجبهة الثورية»، وقدّم معلومات دقيقة عن نيات المتمردين وأهدافهم المعلنة والمسكوت عنها، لكنه بدا واثقاً من جنوده وضباطه في حسم المعركة. وكان مساعد الرئيس السوداني نافع علي نافع كشف عن أن حكومته أحبطت مخططاً لتحالف متمردي «الجبهة الثورية» بدعم خارجي، كما قال، للزحف نحو الخرطوم عبر ثلاثة محاور لإطاحة نظام الحكم وإقامة «سودان جديد»، موضحاً أن المعلومات كانت متوافرة عن تحركات التمرد من إقليمي كردفان ودارفور والأهداف التي يسعى إليها. وتابع: «أي مخطط لتغيير نظام الحكم في الخرطوم لن ينجح من خارجها». من جانبه، قال مسؤول التنظيم والإدارة في «حركة العدل والمساواة» أبو بكر حامد نور، إن رفض حزب المؤتمر الوطني الحاكم السلام الشامل واختياره الحرب، دفعا «الجبهة الثورية السودانية» إلى تبني الخيار العسكري حتى إسقاط النظام الحاكم وإقامة نظام ديموقراطي. وأضاف في بيان أمس، أن العمل العسكري الميداني لقوات «الجبهة الثورية» في تقدم بشكل يومي باتجاه الخرطوم، موضحاً أن قواتهم تتقدم تجاه النيل على المحور الغربي والشمالي في كل الاتجاهات بعد دخولها أوب كرشولا في جنوب كردفان وأم روابة في شمال كردفان. وتابع: «قريباً ستدخل قواتنا المناطق القريبة جداً من الخرطوم في زحفها نحو العاصمة». إلى ذلك، نفت الخارجية السودانية أمس تلقيها أي دعوة رسمية من الاتحاد الأفريقي لعقد لقاء بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير ميارديت لمناقشة النزاع على منطقة أبيي. وقال وكيل الخارجية السفير رحمة الله محمد عثمان إن دعوة الاتحاد الأفريقي ربما تأتي وفق تقديراتهم بأن الوضع في أبيي يتطلب عقد قمة عالجة. وكان الاتحاد الأفريقي قد دعا البشير وسلفاكير إلى قمة عاجلة لإيجاد حلٍّ للنزاع على منطقة أبيي بعد مقتل زعيم قبيلة دينكا نقوك الأفريقية كوال دينغ وجندي إثيوبي من قوة حفظ السلام في المنطقة أخيراً. من جهة أخرى، رهنت المعارضة السودانية إجراء حوار مع الحزب الحاكم في شأن مستقبل البلاد بتشكيل حكومة انتقالية في البلاد. وأعلن التحالف المعارض عن اتفاق بين أحزابه على أن تكون فترة إدارة الحكومة الانتقالية البديلة لحكم الرئيس عمر البشير 30 شهراً. ورهن الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي المعارض حسن الترابي إمكان التفاوض مع حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتنازله عن السلطة وتشكيل حكومة انتقالية، قائلاً: «نحن لا نسعى إلى الوطن بل توحيد الأمة». ورحب بتوحيد الإسلاميين في البلاد، مبيناً أن الخلاف بينهم لا يتعلق بالمنهج وإنما بفتنة السلطة. وزاد: «هذه واحدة من أخطائنا». وفي شأن آخر، بدأت محاكمة المدير العام لجهاز الأمن والاستخبارات السابق الفريق صلاح عبدالله «قوش» المتهم بالمشاركة في محاولة انقلابية لإطاحة نظام الحكم. وقال علي السيد محامي عبدالله، إنه أنكر أمام قاضي محكمة جنايات الخرطومجنوب التهم التي وجهتها اليه النيابة وتشمل محاولة تقويض النظام الدستوري ومحاربة السلطة الشرعية بالقوة. وجدد القاضي حبسه أسبوعاً قابلة للتجديد أو إطلاقه في حال ثبت أنه غير مذنب في التهم الموجهة إليه. وتم نقل عبدالله من المعتقل السياسي إلى سجن عمومي في غرب أم درمان تحت مسؤولية النيابة.