أعلن وزير الإعلام السوداني أحمد بلال عثمان أمس الثلثاء أن الجيش دمر رتلاً من سيارات تحالف متمردي «الجبهة الثورية السودانية» في ولاية جنوب كردفان المتاخمة للجنوب، ورجّح أن يكون القائد العسكري للتحالف عبدالعزيز الحلو كان يستقل إحدى السيارات المدمرة. لكن «الجبهة الثورية» نفت مقتل الحلو. وقال وزير الإعلام في حديث بثه التلفزيون السوداني الرسمي فجر أمس إن الجيش يلاحق تحالف متمردي «الجبهة الثورية» الذي يتألف من فصائل التمرد في دارفور و»الحركة الشعبية - الشمال» عبر الطيران العسكري. وتابع: «ظهر الإثنين دمّر صاروخ موجّه رتلاً يتألف من ست سيارات للمتمردين قرب منطقة أبو كرشولا بولاية جنوب كردفان التي استولى عليها المتمردون السبت الماضي، والراجح بنسبة 80 في المئة أن يكون عبدالعزبز الحلو كان يستقل إحدى السيارات المدمرة»، مشيراً إلى أن «مروحية أجنبية شوهدت تهبط قريباً من موقع السيارات المدمرة لكن الجيش تعامل معها». وأكد عثمان أن الجيش سيسترد خلال فترة وجيزة كل المواقع التي سيطر عليها المتمردون وسيطردهم من كل المنطقة الشرقية لولاية جنوب كردفان التي تمددوا فيها خلال الأسابيع الماضية ونقلوا عبرها عملياتهم إلى ولاية شمال كردفان المتاخمة لولاية الخرطوم. وزاد: «سنلقّنهم درساً لن ينسوه ونحن متمسكون بالسلام ولكن ليس بأي ثمن». لكن نائب رئيس «الجبهة الثورية السودانية» مني أركو مناوي رئيس «حركة تحرير السودان» المتمردة في دارفور، نفى مقتل عبدالعزيز الحلو واعتبر ذلك إشاعة يروّج لها إعلام حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وفق بيان بثّه موقع الجبهة على الإنترنت. وقال مناوي: «أؤكد أن قائد القوات المشتركة للجبهة الثورية عبدالعزيز الحلو يدير العمليات بنفسه الآن ولكن إعلام حزب المؤتمر الوطني الحاكم تعمّد كعادته إطلاق إشاعة مقتل عبدالعزير ليرفع معنويات ميليشياته المنهارة». وكان رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر قال في مؤتمر صحافي الإثنين إن الحكومة لن يهدأ لها بال حتى تقضي على متمردي «الجبهة الثورية» و»رؤوسهم»، ورأى أن لا معنى للتفاوض معهم بعد تصعيد نشاطهم العسكري. وفي السياق ذاته، أكد الناطق باسم الجيش السوداني العقيد الصوارمي خالد سعد جاهزية قواته لصد أي هجوم محتمل للمتمردين على مدن وولايات السودان. واعترف في حديث بثه التلفزيون الرسمي بحصولهم على معلومات تؤكد نية المتمردين الهجوم على الأبيض، عاصمة ولاية شمال كردفان، قبيل هجومهم على أم روابة بأيام، مشيراً إلى إعداد الجيش العدة لمواجهتهم. وأضاف: «بعد تعذّر هجومهم على الأبيض اتجهوا بسرعة صوب أم روابة السبت الماضي». وعن اتهام دولة الجنوب بدعم المتمردين، قال الصوارمي إن ليس لديهم دليل على ذلك، مؤكداً أن دولة الجنوب لا علاقة لها بالهجوم الأخير على أم روابة، مشيراً إلى أن المتمردين يستهدفون نسف العلاقة بين الخرطوم وجوبا. وذكرت تقارير رسمية أن أكثر من 5 آلاف مواطن نزحوا من منطقة أبوكرشولة في جنوب كردفان إلى بلدة الرهد في ولاية شمال كردفان، في ظروف إنسانية وأمنية بالغة الخطورة عليهم وعلى أطفالهم في أعقاب سيطرة المتمردين عليها. ووصف نازحون الوضع ب «المتردي والمزري»، وقالوا إنهم كادوا يتعرضون للموت جراء الجوع والعطش. وروى شاهد عيان أن أطفالاً ونساء لقوا حتفهم جراء التعب والعطش هرباً من المتمردين بعد استيلائهم على منطقة أبو كرشولا. وعلى صعيد متصل، نفى المسؤول السياسي لحزب المؤتمر الشعبي المعارض كمال عمر خلال مؤتمر صحافي علاقة الأحزاب المعارضة بهجوم «الجبهة الثورية» على أم روابة، واعتبره خللاً في منظومة الدولة، قائلاً إن المعارضة تقرأ الاتهام في اتجاه ممارسة المزيد من التضييق على القوى السياسية. ورأى عمر أن الأحزاب المعارضة تواجه استهدافاً داخلياً وخارجياً كبيراً، وهاجم حاكم ولاية شمال كردفان معتصم ميرغني ووصفه ب «الفاشل» وحمّله مسؤولية الهجوم على أم روابة، قائلاً إنهم يعرفون سبب بقائه بوظيفته. وامتنع عمر عن إدانة الهجوم الذي نفذته «الجبهة الثورية» على ولاية شمال كردفان وقال إن القتال أسلوب فرض عليهم وإن ما جرى ناتج من سياسات حزب المؤتمر الوطني الحاكم، مؤكداً مساندة حزبهم للحل السلمي للمشاكل التي تواجهها البلاد. وجدد موقف المعارضة من الدعوة إلى مرحلة انتقالية تشرف على إعادة بناء الدولة للخروج من الأزمة، ودعا السودانيين إلى الخروج في ثورة عارمة لإسقاط النظام. وأكد أن حزبه أعلن توبته الكاملة من المشاركة في الانقلابات العسكرية، وشدد على الوقوف ضد أي عمل انقلابي حتى على الحزب الحاكم. وقال إنهم جاهزون للمحاكمة على مشاركتهم في الانقلاب الذي حمل الرئيس عمر البشير إلى السلطة في العام 1989 شرط أن تشمل المحاكمة كل الأنظمة منذ استقلال البلاد في 1956، موضحاً أنهم كإسلاميين قاموا بانقلاب نتيجة استهدافهم. وتابع: «تبنا من أي عمل انقلابي وعمل عسكري ... حتى لو كان هناك انقلاب وعمل عسكري ضد الحزب الحاكم سنقف ضده». وأكد عمر ثقته الكاملة بالشعب السوداني لقيادة التظاهر والانتفاضة في هبّة واسعة بكل ولايات السودان لاقتلاع النظام الحاكم، وقال إن عقيدة الشعب السوداني التي صنعت ثورتين في 1964 و1985 قادرة على إطاحة النظام الحالي. من جهة أخرى، أصدر البشير أمراً بإسقاط عقوبة السجن عن ضباط جهاز الأمن والاستخبارات الذين دانتهم محكمة بالمشاركة في محاولة انقلابية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكانت محكمة جهاز الأمن والاستخبارات دانت الأسبوع الماضي المقدم هاشم عمر بالسجن أربع سنوات، والمقدم أمين الزاكي ست سنوات، والمقدم جمال الدين فقيري بسنتين، والرائد أحمد حسن بأربع سنوات، والرائد البصيري علي الأمين بأربع سنوات، والنقيب علاء الدين محمد عبدالله بثماني سنوات، كما برأت المحكمة النقيب إبراهيم عبيد الله وأصدرت قراراً بفصل المدانين عن خدمة جهاز الأمن. ولم يشمل قرار العفو مدير جهاز الأمن السابق الفريق صلاح عبدالله «قوش» الذي لم يقدّم إلى محاكمة بعد. وكان البشير قد أصدر عفواً عن تسعة من ضباط الجيش دينوا بالمشاركة في المحاولة الانقلابية.