يُكتب للمحكومين السابقين بالإعدام في الولاياتالمتحدة الذين عاد القضاء وبرأ ساحتهم، عمر جديد بعد عقود أمضوها في رواق الموت الرهيب، منتظرين تنفيذ عقوبة كانت ستنهي حياتهم، عن جرم لم يقترفوه، لكن عودتهم إلى الحياة تبدو مهمة شاقة. منذ عام 1973 برأ القضاء الأميركي 146 شخصاً في 26 ولاية، بعدما كانوا في عداد المحكوم عليهم بالموت. واجتمع حوالى ثلاثين منهم في فيلادلفيا، ليروي الواحد منهم للآخر تجربته والوسيلة التي أتاحت له الخروج مما كان فيه. ومن بين هؤلاء الناجين من الإعدام، أشخاص من مختلف مناطق الولاياتالمتحدة، وقد لبوا دعوة لمنظمة "ويتنس تو اينوسينس" (شاهد على البراءة)، وهم يشتركون في كونهم ضحايا لأخطاء قضائية قاتلة، وأكاذيب، وشهادات زور، واعترافات انتزعت بوسائل غير قانونية، واستغلال لفقرهم، واحياناً إصابة بعضهم بتأخر عقلي، وعنصرية تكاد تطبع معظم هذه الحالات. وآخر من خرج من رواق الموت مانويل فيليز، الذي أطلق سراحه الأربعاء الماضي في تكساس بعد تسع سنوات أمضاها وراء القضبان. ومن بين هؤلاء العائدين إلى الحياة سابرينا بوتلر، وهي السيدة الوحيدة التي برئت بعد إدانة سابقة بالموت. وتقول "كلنا عشنا الظروف نفسها". وكانت هذه السيدة ذات البشرة السوداء، والدة شابة تعيش في ميسيسيبي جنوبالولاياتالمتحدة، حين أدانها القضاء بتهمة قتل طفلها، علماً أنه توفي جراء مرض وراثي. تقول: "كنت أمضي 23 ساعة من اليوم وحيدة في زنزانتي، والأمر الأشد قسوة كان اقتراب موعد الموت مع العجز التام عن فعل أي شيء". ويخرج المحكومون الذين برئت ساحتهم في أوضاع نفسية رهيبة، وفق منظمة "ويتنس تو اينوسنس"، وتكون إعادة اندماجهم شاقة في مجتمع اختلف تماماً عما كان عليه حين دخلوا السجن. ويصف دايمن تيبودو، الذي خرج من رواق الموت في عام 2012 في لويزيانا الجنوبية، عودته إلى المجتمع مجدداً بأنها "رحلة في المجهول". ويقول: "كما واني أسقطت في بلد لا أتكلم لغته، ولا أعرف فيه أحداً... فقد بقيت في زنزانتي خمسة عشر عاماً، وحين خرجت كان العالم قد تغير كثيراً". ويؤيد قوله راندي ستيدل الذي برأته محكمة إيلينوي (شمال)، بعد 18 عاماً أمضاها بانتظار الموت لإدانته بجريمة قتل عروسين لم يرتكبها. ويقول: "أنا كبطل إحدى الروايات الذي نام عشرين عاماً، ثم استيقظ ووجد الدنيا قد اختلفت تماماً". ويضيف هذا الرجل الستيني: "اليوم خرجت وأنا لا أعرف أي شيء، لا أعرف كيف استخدم الهاتف النقال، ولا كيف استخدم الكومبيوتر، لقد تعلمت كل هذه الأمور من الصفر، منذ خروجي من السجن في عام 2004". ويقول دايمن تيبودو: "عندما دخلت السجن في عام 1997 لم يكن الانترنت متوافراً... لكن الشيء الأصعب هو الخروج إلى عالم لا أعرف فيه أحداً ولا مكان لي فيه". وهو برئ من تهمة الاغتصاب والقتل، بفضل فحوص الحمض الريبي النووي (دي أن آيه). ويضيف: "إنه أمر مخيف، ليس لدينا عمل، ولا هوية ولا تاريخ، ولا تقاعد ولا ضمان صحي، ولا تدريب ولا خبرة بأي شيء من عالم اليوم". ووفقاً لمدير "ويتنس فور اينوسنس" ستيف هونيمان فإن السلطات تمتنع عن دفع تعويضات لهؤلاء الأشخاص، لأن ذلك يعني "الإقرار بالخطأ"، ولذلك فهي تفضل أن يتدبروا شؤونهم بأنفسهم. ويطالب هؤلاء الاشخاص بتعويضات على غرار التعويضات التي نالها ضحايا هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) أو على الأقل مساعدتهم على الحصول على مستوى حياة متوسط. ويقول راندي ستيدل: "لقد أمضينا عقوداً في رواق الموت... ولا شيء يعوض ضياع سنوات حياتنا المسروقة منا، ولا هذا الجرح الكبير... حتى وإن كان انتهى".