صوت جرس الهاتف.. رسالة جديدة مفادها: «مخالفة مرورية.. للمزيد الدخول على الموقع»، محاولة استذكار يعيشها فهد «متى خالفت وأين؟» لكن من دون أن يتوصل إلى نتيجة، الأمر ذاته تكرر عند دخوله إلى الموقع الإلكتروني الخاص بالمخالفات المرورية، فهو يجد أن ثمة خطأ تعرّض له، وتسبب في اعتباره مخالفاً. فهد لا يريد السداد، فمخالفة ال500 ريال المحتسبة عليه بحجة تجاوزه السرعة القانونية في طريق الإمام سعود بن عبدالعزيز في الرياض ليست له حسبما يزعم، لكنه تنبّه إلى أن تركه للمخالفة من دون سداد سيترتب عليه ارتفاع المبلغ، إذاً.. الحل في التوجه إلى مرور حي الناصرية، حيث المكان المخصص للاستيضاح وتقديم الشكوى والاعتراض إن تطلب الأمر ذلك. لم يجد فهد التجاوب الذي كان ينتظره، تماماً كما أخبره أصدقاؤه، فالاعتراض على ما يُطلق عليه «ساهر» يعدّ مرفوضاً ما لم يُسبق بسداد المخالفة، لا يهمّ إن كان هذا النظام قد أزعج فهد أم لم يزعجه، المهم أن ذلك ما يجب عليه فعله إن أراد الاعتراض، اتّجه إلى أقرب آلة صرف لسداد المخالفة، وتناسى ما كان يريده، انطلاقاً من قناعته بأن الاعتراض على قطاع حكومي لن يُجدي نفعاً. حال فهد ليست إلا امتداداً لحالات أخرى سبقته، أرادت الاعتراض لكنها تكاسلت عن القيام به، ليس لأنها قبلت مخالفتها، وإنما لكون الإجراءات المرتبطة بالاعتراض وانتظار اكتمالها تكاد تكون أصعب من دفع مبلغ المخالفة، سواء كانت آلية عن طريق «ساهر» أو يدوية عن طريق رجل مرور. مطالبات عدة تتركز على مسألة إيجاد مرونة أكثر في الاعتراض على المخالفات المرورية، بعيداً عن أية تعقيدات تصعب من القيام بها، من منطلق أن الخطأ وراد وقد يحدث، إضافة إلى أحقية المواطن والمقيم في الاعتراض في حال اشتبه بشيء ما تعرّض إليه، فبعد التباين الذي كان يظهر على مستوى قبول نظام ساهر من عدمه، باتت آلية الاعتراض وإمكان الإنصاف فيه هي الحديث البارز، والهمّ الذي يصاحب الراغبين بالقيام به. دقة الرصد الذي يقوم به «ساهر»، أو حتى ما تقوم به رادارات السرعة التقليدية، تسجّل حضورها في شكل بارز في شوارع المدن وفي الطرق السريعة، إلا أن هذه الدقة تبدو ضعيفة على مستوى الموقع الإلكتروني الذي يتم من خلاله التعرف على المخالفات، إذ يتساءل يوسف الحميد عن الاكتفاء بدقة عالية إذا كان الأمر مرتبط برصد المخالفات، في الوقت الذي تُهمل فيه هذه الدقة إلكترونياً. ويقول: «حتى يتم التعرف على تفاصيل المخالفة، احتاج إلى الدخول إلى موقع المرور ومن خلاله أدخل إلى نافذة المخالفات، ولا أدري لماذا لا يكون للمخالفات المرورية عموماً موقع إلكتروني خاص بها يقدم عدداً من الخدمات من بينها تقديم الاعتراضات، كذلك لماذا لا يكون هناك مركز معلومات هاتفي متخصص بالرد على الاستفسارات واستقبال الاعتراضات بدلاً من الاتجاه إلى مركز المرور». عرض صورة السيارة بقائدها تشكل فيصلاً بين المخالفة والاعتراض عليها، خدمة بسيطة يمكن أن تحقق اقتناع المخالف بمخالفته، غير أنها لا تُقدم عبر الموقع الإلكتروني، فناصر الحمود احتاج إلى الانتظار أسبوعاً لمشاهدة صورته بعدما طالب بها مرور حي الناصرية. ويضيف: «رفع الاعتراض يتطلب السداد حتى يتم النظر فيه، وأرى أن ذلك يعكس تعقيداً غريباً، وكأنها محاولة للتأثير ليتراجع عن الاعتراض، إضافة إلى كون الاعتراض محدد بمكان واحد في الرياض، الأمر الذي يعني ضرورة اتجاه جميع الراغبين بالاعتراض إليه».