تخطط الحكومة المغربية، لإدخال تعديلات على نظام الجباية الحالي، لمعالجة الخلل في عجز الموازنة والميزان التجاري، عبر زيادة الإيرادات الضريبية وتوسيعها إلى قطاعات ظلت معفاة حتى الآن من أداء الضرائب. وأعلن وزير المال والاقتصاد المغربي نزار بركة ل «الحياة»، على هامش المناظرة الوطنية حول الجبايات، التي اختتمت أول من أمس في منتجع الصخيراتجنوبالرباط، أن إصلاح المنظومة الضريبية «سيمكّن من زيادة تنافسية الاقتصاد المغربي، والوصول على المدى المتوسط إلى تكريس عدالة في الجباية بين أفراد المجتمع، تساهم في تحسين المداخيل ورفع وتيرة النمو، بما يوفّر موارد إضافية للإنفاق على القطاعات الاجتماعية، وتحسين الخدمات الأساس في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والبنية التحتية». وأكد أن إصلاح نظام الجباية «يتطلب إشراك الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والمستثمرين والمجتمع المدني لصوغ منظومة ضريبية متفق عليها، تعزز الحوكمة المالية والشفافية، وتضمن الاستقرار المالي للموازنة على المدى المتوسط». ولفت بركة، إلى أن أحد أهداف المشروع الذي سيُعرض على البرلمان بعد طرح موازنة 2014، «تحقيق تكامل بين السياسيات المالية والنقدية والاقتصادية تقوم على توازن في الحسابات الماكرو اقتصادية، لتقليص عجز الموازنة إلى 3.5 في المئة من الناتج المحلي نهاية عام 2016». وقدّر عجز الموازنة حالياً بنسبة 7 في المئة، موضحاً أن الحكومة «تسعى إلى خفضه إلى 5.5 في المئة العام المقبل». وتضع الحكومة ضمن مخططها إعادة النظر في نفقات صندوق المقاصة، الذي يمتص نحو 5 في المئة من الناتج المحلي، وهي مبالغ تريد تقليصها من نفقات الموازنة، وإعادة تخصيصها للفئات الفقيرة والمهشمة داخل المجتمع. لكن صيغ إصلاح الصندوق لا تجد توافقاً بين مكونات الحكومة التي ترغب أيضاً في فرض بعض الضرائب على المستثمرين الزراعيين الكبار. ويُعتبر القطاع الزراعي من بين المجالات الاستراتيجية في المغرب وهو غير خاضع للضرائب، بل يحصل على دعم سنوي لتشجيع الإنتاج الغذائي من جهة، وحضّ المزارعين الصغار على البقاء في قراهم. ويمثل القطاع 17 في المئة من الناتج. وتنفذ الرباط برنامج «المخطط الأخضر» بكلفة 200 بليون درهم لزيادة الإنتاج ومضاعفة الصادرات الزراعية. وينصح صندوق النقد الدولي الحكومة المغربية بتقليص نفقات دعم الأسعار، وفرض ضرائب جديدة على القطاعات غير المهيكلة التي تمثل نحو ثلث الاقتصاد، لزيادة الإيرادات المالية وخفض العجز في الموازنة، وإلغاء الامتيازات (الإعفاء) التي يحظى بها بعض القطاعات الاقتصادية مثل العقار والزراعة. ويعتقد الصندوق، أن 2 في المئة فقط من الشركات المغربية الكبرى تسدد 80 في المئة من الضربية على الشركات الإنتاجية. كما يساهم العمال والإجراء في 75 في المئة من الضريبة على الدخل، فيما لا يدفع الأثرياء وأصحاب النفوذ والسياسيين سوى مساهمات ضعيفة من الضرائب، ما يجعل ثقلها الأكبر يقع على الطبقة المتوسطة وسكان المدن. وقال رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران، أن التهرب الضريبي والإعفاءات «يضيّع على الخزينة نحو 4 في المئة من الناتج المحلي»، بسبب ما وصفه «الإعفاءات الضريبية غير المنتجة اقتصادياً واجتماعياً». ويُتوقع أن يشهد موضوع الضرائب جدلاً كبيراً لدى عرضه على البرلمان في الأشهر المقبلة، بسبب الخلافات حول صيغ المشروع الحكومي وأهدافه.