أكد رئيس نادي نجران الأدبي سعيد آل مرضمة أن ما حدث في نادي تبوك الأدبي خلال إقامة ملتقى الشعر الخليجي «مسألة عابرة أخذت أكبر من حجمها الحقيقي». وقال آل مرضمة في حوار مع «الحياة»، حول النسخة الثانية من مهرجان «قس بن ساعدة» التي تنطلق مساء اليوم بمشاركة عربية، إن العلاقة بين «أدبي نجران» ووزارة الثقافة «في قمة التعاون والتفاهم». وعبّر رئيس نادي نجران الأدبي عن طموحه في زيادة موازنات الأندية. إلى نص الحوار: في كل مدينة ملتقى أو مهرجان مرة في العام، وربما مرتين، ومع تعدد هذه الملتقيات والمهرجانات كيف يستطيع «أدبي نجران» أن يجد روحه الخاصة به التي يختلف بها عن مهرجانات النوادي الأدبية الأخرى؟ - مهرجان قس بن ساعدة مهرجان لمدينة نجران، وتقدمه نجران بكاملها، وهو ليس ملتقى محضاً وإنما مهرجان يحمل في ثناياه خصائص الملتقيات وميزات أخرى زائدة عليها، فلدينا ملتقيات ومعرض كتاب ومعارض فنون تشكيلية، ومعرض للتصوير للمصور الفرنسي العالمي تشيكوف وفعاليات نسائية، وملحمة ستكون الافتتاحية للمهرجان، والروح التي نراهن عليها في هذا المهرجان، الذي سيكون سنوياً إن شاء الله، هي أن تكون صبغته خاصة، ومستلهمة من تراث وثقافة نجران. فلدينا حضارة عمرها أكثر من أربعة آلاف عام، ولدينا مدينة الأخدود وشخصيات عرفها التاريخ وتحدثت عنها أمهات الكتب وتفردت هذه الشخصيات بكتب مستقلة. ولذا علينا جاهدين أن نقف على مثل هذه الشخصيات ونترجمها إلى أبناء هذا العصر، ولدينا التنوع الثقافي الذي يعكس العراقة والتاريخ عبر عشرات القرون من الزمان، تلك هي الروح التي نحملها بين جوانحنا ونقدمها عبر مهرجان قس بن ساعدة، الذي تصدق عليه أيضاً تسمية «مهرجان نجران» بلا تردد. حيث أشرت إلى الأخدود، قد يتساءل بعض المتابعين، عندما قدمتم ملحمة الأخدود العام الماضي.. ألم يشكل عائقاً لكم أن قصة الأخدود تحمل في طياتها طابعاً اثنياً يعكس صراعاً دموياً بين ديانتين شغلتا الأخدود في فترة من الزمن؟ - لا يمكن أن يكون لملحمة الأخدود أي انعكاسات أو طوابع اثنية، فهذه القصة محفوظة في تراثنا وفي منطقتنا ويعرفها الصغار والكبار وورد ذكرها في القرآن الكريم، ونحن حين نقدمها لا نأتي بجديد، ولكننا نضطلع بالتأكيد لما حصل في ذلك التاريخ الذي اعتنى به القرآن، لم ننقص منه ولم نزد عليه، لكننا حاولنا أن نرسخ في الأجيال الحالية ونعمق فيها قصة الأخدود وما حصل لأهل نجران القدماء في حقبة زمنية معينة حين ثبتوا على الحق وصبروا عليه، وليس لدينا أي أهداف أخرى لنا سوى نقل حدث معين على أرض الواقع، ليرى الجيل والأجيال المقبلة مدى صبر نجران على دينهم وتقبل أهلها في سبيل الدفاع عنه النار بكل أشكالها. يتضمن برنامج فعاليات «قس بن ساعدة» لهذا العام مواضيع عدة من بينها موضوع «عبديغوث الحارثي».. ألا توجد حساسية لاسم عبديغوث قد تدفع إلى تلافي طرح ما يتعلق بهذا الاسم؟ - لو رجعت إلى التاريخ لوجدت أن هذا اسم جاهلي، مثل اسم بني عبدالدار وبني عبدمناف وبني عبدشمس وما شابهه، والمعهود أن الأسماء إنما تم تغييرها لمن أدركوا زمن الإسلام، أما أسماء الجاهليين فلم يغيرها أحد لأنها أصبحت في حكم الماضي ولم يعد ثمة ما يمكن تلافيه، وكذلك فإن كتب التاريخ والأدب زاخرة بهذه الأسماء ولم يعترض أحد على هذه الحقيقة، إذ لا بديل لها سوى تغيير التاريخ، وكما ترى فإن اسم عبديغوث اسم جاهلي موجود، وهو جاهلي نجراني، واعترضنا لحياته وسيرته وشعره، ونقلناه كما هو في حلة ثقافية لافتة جميلة، ولا توجد ترسبات أخرى لهذا الموضوع. يكاد القارئ وهو يقرأ فعاليات مهرجان «قس بن ساعدة» أن ينسى أن هذا المهرجان عن الرجل الذي يحمل اسمه، ألا ترى أن المهرجان مغترب عن الشخص الذي يحمل اسمه؟ - تسمية المهرجان ب«قس بن ساعدة» إنما هي تسمية من باب «العلَمية» للمهرجان، ولكن ما يحمله في طياته هو فعاليات ثقافية منوعة تناسب جميع الأذواق والفئات العمرية رجالاً ونساء وصغاراً وكباراً، وإنما جعل «قس بن ساعدة» علَماً يعرف به هذا المهرجان، وهو موضوع مفروغ منه منذ انطلاقه أول مرة. قس بن ساعدة يعد من حملة لواء الحنيفية، وهو صاحب الخطبة المشهورة: «أيها الناس، من عاش مات... إلخ»، والعام الماضي تحدثتم عن قصة أصحاب الأخدود وهي قصة أيضاً متعلقة بحمل لواء التوحيد والحنيفية، هل يعد هذا الترابط بالمنحى العقدي أمراً مقصوداً أم أنه مجرد مصادفة؟ - حين يعمل المرء ويخطط فإنه لا يدع شيئاً للمصادفة، ووضعنا لقس بن ساعدة النجراني علماً لهذا المهرجان إنما هو عائد إلى هويته بشتى انعكاسات مفاهيم الهوية، وكذلك لفصاحته وأدبه وحسن حديثه، كما أن هناك جانباً رمزياً يشير إليه، هو أن الأندية الأدبية هي المنابر الثقافية، وقس بن ساعدة رمز للفصاحة والإلقاء المنبري المميز، فلعلك تتأمل في هذه. هل تتوقعون أن تجرى تعديلات مهمة على لائحة الأندية الحالية؟ - من ناحيتنا في «أدبي نجران» رفعنا بعض الملحوظات على لائحة الأندية إلى اللجان المختصة، ولا ندري ما جدّ في شأنها حتى الآن، لأن الوقت لم يحن لذلك. ما أبرز تلك الملحوظات التي رفعتموها؟ - أبرزها يتعلق بالدعم المالي، لأنه لا يمكننا بمبلغ محدود «مليون ريال فقط» أن نؤدي المهمات الموكلة إلينا ولا أن نصل إلى المطامح التي تتطلع إليها الأندية الأدبية، وهذا أمر معروف ويدركه كل من ينتظم بنفسه في أتون العمل الثقافي وما يتطلبه من دعم أكبر من ذلك. هل تعانون في نجران من مشكلات تخص استقلال النادي؟ بمعنى: هل تختارون ضيوفكم باستقلال أم هناك وصاية؟ وهل تعرضتم إلى خلاف شبيه بالخلاف الذي دار بين إدارة «أدبي تبوك» ووزارة الثقافة؟ - الاستقلال موجود بالنسبة إلينا، ولم يحصل أن عانينا قط من مشكلة متعلقة بعدم الاستقلال، ودعني أصارحك بأنني أرى أن مشكلة «تبوك» عارضة يجب عدم الوقوف عندها كثيراً، وربما أعطيت أكبر من حجمها، فيجب أن نؤمن بأن الوسط الثقافي حافل بالكثير من المواقف التي يجب أن نتصرف فيها بحكمة وألا نعطي النقاش وقتاً كبيراً، وربما يكون جمال الوسط الثقافي بمشكلاته وعلّاته فلسنا مجتمعاً ملائكياً. أما بالنسبة إلينا، ودعنا نتحدث عن هذا المهرجان، فمهرجان «تبوك» نجح بكل المقاييس، رفعنا موعدنا إلى الوزارة بعد إقراره من مجلس إدارة النادي وتلقينا القبول والموافقة الفورية، وكانت الوزارة ولا تزال رافداً لنا لإنجاح المهرجان، وضربت لنا المثل السائر في سرعة الرد على مخاطباتنا، وتحملت مساعدتنا في معرض الكتاب وكان عملها واهتمامها جميلاً معنا، ولا أكتمك أنني تلقيت من الوزير عبدالعزيز خوجة اتصالاً شخصياً يؤازر فيه ويشد على أيدينا لظهور المهرجان كما يتمنى ويحلم به كل شخص مثقف مهتم بثقافة البلاد وثقافة نجران، وطوال أيام الإعداد والتجهيز كان وكيل الوزارة للشؤون الثقافية ناصر الحجيلان، الساعد الأيمن للنادي لتذليل كل الصعوبات التي تواجهنا، والوزارة تدعمنا كل عام ب500 ألف ريال، وسبق أن وعدنا نائب الوزير عبدالله الجاسر، بأن الوزارة تتمنى أن يكون هذا المهرجان سنوياً، وهذا هو المأمول والمتحقق إن شاء الله.