90 دقيقة قد تفصل بايرن مينونيخ عن إحراز لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 12 عاماً، عندما يلتقي مواطنه بوروسيا دورتموند في المباراة النهائية في منتصف الشهر الجاري، بعد نجاح الفريقين في إقصاء قطبي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد. البايرن يعتبر الفريق الأكثر تكاملاً وقوة في الكرة الأوروبية حالياً، وهو أيضاً الأكثر حرفية في التعامل مع جماهيره، إذ يبلغ سعر بطاقته الموسمية 104 جنيهات هي الأرخص بين كل كبار الكرة الأوروبية. وفكرة التعامل مع الجماهير هي إحدى نقاط قوة الكرة الألمانية، إذ تعتبر معدلات حضور كل مباريات الدرجة الأولى الألمانية الأعلى في كل القارة الأوروبية في الأعوام الخمسة الأخيرة، حتى إنها تتفوق على معدلات حضور الدوري الإنكليزي الأثري والأكثر شعبية ودخلاً من حقوق النقل التلفزيوني. فسعر البطاقات الموسمية لحضور مباريات أرسنال يبلغ 985 جنيهاً، أي أن كلفة حضور مباراة واحدة لأرسنال تعادل تقريباً حضور مباريات الموسم كاملة للبايرن، كما يبلغ سعر بطاقات ليفربول الموسمية 725 جنيهاً، حتى أقل البطاقات الموسمية كلفة في الدوري الإنكليزي، وهي بطاقات مباريات ويغان تبلغ 255 جنيهاً، والتي تزيد كثيراً على سعر بطاقات البايرن. وطبعاً، لم يعد سراً أن البطاقات الموسمية في الدوري الألماني هي الأقل كلفة بين كل كبار البطولات الأوروبية، إلا أن الفكرة والتنفيذ هما ما ألهبا عقول المتابعين. أحد أسرار نجاح تأهل فريقين ألمانيين إلى المباراة النهائية يعيدها خبراء الكرة الألمانية إلى النجاح في التعامل مع الجماهير والشعور بمعاناتهم المادية وتوفير أجواء عائلية وآمنة للجميع لحضور المباريات، ويقول رئيس نادي بايرن ميونيخ أولي هوينيس عن فكرة إبقاء أسعار البطاقات مخفضة: «بإمكاننا رفع أسعار البطاقات إلى أكثر من 104 جنيهات، بإمكاننا جعلها 300 جنيه، وسنحصل حينها على مليوني جنيه إضافيين، لكن ماذا ستعني هذه الزيادة لنا؟ لا شيء... لكن بالنسبة للمشجع العادي هناك فارق كبير بين 104 و300 جنيه، ولهذا السبب نحن اخترنا الأقل كلفة لأننا لا نعامل مشجعينا مثل الأبقار كي نحلبهم، لأن كرة القدم يجب أن تكون للجميع وهذا الفارق الأكبر بيننا وبين الأندية الإنكليزية». بايرن ميونيخ ليس وحيداً في إبقاء بطاقاته الموسمية مخفضة، فبوروسيا دورتموند الذي يحضر مبارياته أكثر من 80 ألف متفرج كل أسبوع، يبلغ سعر بطاقاته 303 جنيهات وهو مبلغ منخفض جداً مقارنة بأندية البريميرليغ. وعلى رغم أن ثورة النهضة في الكرة الألمانية بدأت في نهاية التسعينات، إلا أن النقلة الحقيقية حدثت عقب استضافة نهائيات كأس العالم 2006، إذ تم تحديث كل الإستادات وبنيت أخرى جديدة بأحدث الأساليب، ما سمح للجماهير بحضور مباريات في ظل أجواء آمنة ونظيفة، إضافة إلى قرارات الاتحاد الألماني في وضع سقف للأندية لا تتعداها بشأن رواتب اللاعبين، بحيث يدفع كل نادٍ ما لا يزيد على 25 في المئة من مداخيله رواتب للاعبيه، ما سنح لهذه الأندية أن تبقى في وضع صحي بعيداً عن أي أزمات مادية، على غرار التي عانى منها دورتموند نفسه قبل أعوام، قبل أن ينقذه البايرن بإعارته مبلغاً دفع به رواتب لاعبيه، لكن ستبلغ مداخيل دورتموند هذا الموسم نحو 60 مليون يورو من دوري أبطال أوروبا فقط، عدا مداخيل أخرى أبرزها نحو 37 مليون يورو من صفقة بيع نجمه ماريو غوتزه إلى البايرن، ما يجعله أكثر قوة في سوق الانتقالات من دون اللجوء إلى رفع أسعار بطاقاته الموسمية. الكرة الألمانية أصبحت اليوم النموذج المثالي الذي سيحتذي به الجميع خصوصاً في إنكلترا، فأسلوب اللعب أصبح شيقاً، فهو تيكي تاكا إسبانية ممزوجة بروح ألمانية ولياقة إنكليزية... إنها كرة المستقبل.