بدا أن تكرار الانتقادات التي يوجهها قياديون في التيار الإسلامي إلى الجيش المصري ووزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي قد يضع العلاقة بين التيار الإسلامي والجيش على المحك، إذ ظهر أن الإسلاميين ينظرون بريبة إلى تحركات السيسي والحفاوة التي تُقابل بها إطلالته النادرة على وسائل الإعلام، فيما توعد الجيش بملاحقة «المسيئين إلى المؤسسة العسكرية» قضائياً. وقال مسؤول عسكري سابق قريب من قيادة الجيش ل «الحياة» إن «القوات المسلحة تعتزم التحرك في شكل قانوني ضد المسيئين إلى المؤسسة العسكرية»، مشيراً إلى أن «النيابة العسكرية تلقت أخيراً بلاغات ضد قيادات بارزة في التيار الإسلامي وجهت انتقادات إلى القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع، ويتجه التفكير إلى استدعاء هؤلاء والتحقيق معهم في ما نُسب إليهم من إساءات». وأعرب عن «استياء قيادات وضباط وجنود القوات المسلحة من تكرار تلك الإساءات رغم أن الرئيس محمد مرسي وعد خلال لقائه المجلس العسكري أخيراً التصدي لها». وكان وزير الدفاع تحدث بعد حفل نظمته «جامعة المستقبل» الخاصة للقوات المسلحة لمناسبة عيد تحرير سيناء، مخاطباً الرأي العام بكلمات أثارت عاطفة حضور الحفل حتى أن بعضهم بكى تأثراً بحديث السيسي الذي قال: «تقطع يدنا قبل أن تمتد إلى أي مصري». وحرص على الترحيب بالكتاب والمثقفين والإعلاميين والصحافيين، وكلها فئات ترى أن جماعة «الإخوان» تُهمشها، فيما هنأ الأقباط بعيد القيامة، وسط فتاوى من إسلاميين بتحريم التهنئة أثارت استياء الأقباط. وأظهر السيسي هدوءاً ورزانة لدى دفاعه عن نهج القوات المسلحة خلال الفترة الانتقالية التي تولى فيها المجلس العسكري الحكم وقوبلت بانتقادات من القوى الثورية، وسط مطالبات من بعض الحضور له ب «الحفاظ على مصر». ورفع متظاهرون في أكثر من مناسبة صوراً للفريق السيسي، مطالبين إياه بالتصدي لممارسات جماعة «الإخوان» وتسلم السلطة من مرسي. وهاجم الداعية السلفي القريب من «الإخوان» حازم صلاح أبو إسماعيل حديث السيسي في احتفال ذكرى تحرير سيناء، واصفاً إياه ب «الممثل العاطفي». وقال في برنامجه التلفزيوني على إحدى القنوات الدينية: «من يومين وقف عبدالفتاح السيسي القائد العام للقوات المسلحة يؤدي دور الممثل العاطفي الذي يستجلب رضا الناس (وكأنه يقول) عولوا على الجيش، وفي اليوم التالي كتبت كل الصحف المعارضة: عولوا على الجيش، اعتمدوا على الجيش». وأضاف: «أنا أحمله (السيسي) وأحمل من معه مسؤولية الحديث في الكونغرس (الأميركي) عن أن القادة الموجودين حالياً حلفاء معنا ويمكن الاعتماد عليهم»، منتقداً «عدم صدور تصريح من المتحدث العسكري يقول فيه إن القوات المسلحة جزء من الدولة وتأتمر بأوامر قائدها الأعلى وتلتزم بذلك وترفض أن تُعتبر جزءاً من حلف مع أي جهة أجنبية». ورفض الناطق باسم القوات المسلحة العقيد أركان حرب أحمد محمد علي التعليق على حديث أبو إسماعيل. وقال ل «الحياة»: «لا أعلق على ذلك الكلام». وعن المعلومات عن تقديم بلاغات ضد أبو إسماعيل للنيابة العسكرية وكيفية التعامل مع تلك البلاغات، قال علي: «أعتقد أن هناك بالفعل بلاغات قُدمت حول تلك الواقعة، وطريقة التعامل معها يُحددها القضاء العسكري». في غضون ذلك، أعرب رئيس مجلس الشورى القيادي في جماعة «الإخوان» أحمد فهمي عن «استنكاره الشديد لمحاولات البعض الزج بالقوات المسلحة في العملية السياسية ومحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب من خلال مؤسسات الدولة المختلفة»، في إشارة إلى الحديث عن خلافات بين الجيش والرئاسة. وأكد في بيان أن «القوات المسلحة مؤسسة وطنية ملك للشعب تمثل خط الدفاع عن الأمن القومي المصري وتحمي شرعيته الدستورية»، مطالباً الجميع ب «رفع أيديهم عن القوات المسلحة وعدم إدخالها في معارك تخرجها عن مهمتها الرئيسة الموكلة لها في الدستور والقانون». وكان الناطق العسكري انتقد في بيان «ما تتعرض له المؤسسة العسكرية من حملات ممنهجة تستهدف تشويهها والإضرار بها عن طريق نشر أخبار كاذبة وإشاعات تضر بالبلاد وتؤثر سلباً في الروح المعنوية لأفراد القوات المسلحة»، نافياً ما تردد عن وجود سجون سرية تديرها القوات المسلحة. وكانت وسائل إعلام محلية تحدثت عن وجود سجن تحت الأرض في منطقة عجرود يُسمى «سجن السرداب» تُديره القوات المسلحة بالاشتراك مع الأميركيين. وأهاب العقيد علي بوسائل الإعلام «إتباع الموضوعية وتوخي الدقة والحذر من نشر أية معلومات أو أخبار كاذبة عن القوات المسلحة حفاظاً على مصالح الوطن وأمنه وسلامته وإعلاء لمؤسساته الوطنية بعيداً من المزايدات والمصالح الشخصية والأهواء السياسية». وشدد على «عدم وجود أي سجون سرية أو غير معلنة تديرها القوات المسلحة في مدينة السويس أو غيرها من المدن المصرية»، مشدداً على أن «هذه المعلومات غير صحيحة شكلاً وموضوعاً ولا تستند إلى أي حقائق ملموسة». ودعا «كل من لديه أية أدلة أو معلومات مؤكدة عن وجود مثل هذه السجون السرية أن يتقدم بها فوراً إلى وزارة الدفاع أو المتحدث العسكري». وقال: «نرحب بالتوجه معه إلى أي مكان في مصر وفي وجود كل وسائل الإعلام لإثبات ما لديه من معلومات». وتساءل: «لماذا هذا الكم الهائل من الأكاذيب والإشاعات والافتراءات اليومية التي تستهدف القوات المسلحة ورجالها؟ في أي دولة في العالم يُستهدف جيش وطني بمثل هذه الحملات المشبوهة؟».