شهدت مدينة القدسالشرقيةالمحتلة امس مواجهات واسعة بين الفلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية التي منعتهم من الدخول الى المسجد الأقصى لليوم الثالث على التوالي، وفتحته امام المستوطنين والمتطرفين اليهود لإحياء احتفالاتهم الدينية في باحاته، فيما دخلت قيادات وطنية ودينية عربية في اسرائيل المسجد الأقصى تضامناً مع الفلسطينيين. وقال شهود عيان ل «الحياة» ان اعداداً كبيرة من المواطنين تمكنت من كسر الحصار الذي فرضته الشرطة على المسجد والدخول اليه. وكانت السلطات الإسرائيلية سمحت أمس فقط للمواطنين ممن تزيد اعمارهم على الخمسين عاماً بالدخول الى المسجد في اوقات الصلاة فقط، وفتحته في الأوقات الأخرى امام المستوطنين والمتطرفين الذين احتفلوا لليوم الثالث على التوالي بعيد العرش اليهودي في باحات المسجد الذين يدعون انه مقام على انقاض هيكل سليمان. ودخل الى المسجد في صلاة الفجر عدد من القيادات الدينية والوطنية مثل رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية الشيخ عبد العظيم سلهب، والمفتي العام لفلسطين الشيخ محمد حسين، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، ومدير عام الأوقاف الإسلامية عزام الخطيب التميمي، ورئيس لجنة المتابعة العربية العليا في الداخل محمد زيدان، ونائب رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الشيخ كمال الخطيب، إضافة الى النواب العرب في الكنيست الإسرائيلي جمال زحالقة، ومحمد بركة، وإبراهيم صرصور. وقال رئيس الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة عضو الكنيست محمد بركة: «جاء أهالي أراضي عام 1948 الى القدس اليوم للحفاظ على مقدسات الأمة». وأضاف: «جئنا لنقول ان القدس ليست وحدها ولن تترك وحدها، وإن مخططات الاحتلال بحق المسجد الأقصى لن تمر ولن يسمح بها الفلسطينيون مهما كان الثمن». وحذّر زحالقة من تدهور الوضع قائلاً «الوضع خطير لأن دوائر عليا في اسرائيل مثل الحاخامية الكبرى تبحث حالياً طلباً للسماح لليهود بالصلاة في الأقصى. وعندها لن نرى عشرات او مئات بل سنرى الآلاف وعشرات الآلاف منهم». وتابع «هناك تدهور مستمر. في السابق كانت هناك مجموعة صغيرة متطرفة تؤيد فكرة الصلاة في الأقصى والآن اصبح هذا مطلباً لقوى سياسية مركزية». وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين ان «ما يحدث للأقصى هو عدوان مدان بكل الشرائع والأعراف الدولية». وأضاف: « ان اقتحامات المستوطنين والمتطرفين اليهود بحماية شرطية هو من اجل فرض واقع جديد في المسجد الأقصى». وأضاف ان «كل المسلمين في فلسطين والعالم الإسلامي يرفضون الاعتداءات والانتهاكات ويؤكدون ان المسجد الأقصى اسلامي للمسلمين وحدهم (...) لا يحق لأي كان التدخل في شؤون المسجد الأقصى». وفي تلك الأثناء احتشد مئات المواطنين في منطقة باب الأسباط، احد ابواب المسجد، احتجاجاً على إغلاق المسجد والسماح للمستوطنين بالدخول اليه. وجرت مواجهات بين المواطنين المعتصمين والشرطة التي اطلقت النار والقنابل المسيلة للدموع على المواطنين ما اسفر عن اصابة عدد منهم. وجاء الاعتصام في القدس استجابة لدعوة وجهتها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية داخل الخط الأخضر. وقال شهود عيان ان الشرطة اعتقلت اربعة شبان خلال المواجهات، وأصيب عشرة آخرون نقلوا الى العيادات والمشافي لتلقي العلاج. وامتدت المواجهات في وقت لاحق الى العديد من حارات وأحياء القدس مثل واد الجوز والصوانة وسلوان وباب حطة والسعدية والواد والعيسوية ومخيم شعفاط. وهدّد وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي اسحق اهارونوفيتش مساء الثلثاء بإغلاق الموقع بالكامل في حال عدم عودة الهدوء اليه. وقال الوزير للصحافيين كما نقلت عنه اذاعة الجيش «نريد ان يبقى جبل الهيكل (التسمية اليهودية للحرم القدسي) مفتوحاً امام المسلمين وكذلك اليهود. لكن اذا لم يتمكن اليهود من التوجه إليه فإن المسلمين لن يتمكنوا ايضاً». وتعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن في 1994 بإشراف المملكة الأردنية على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس. الى ذلك، زار رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور رامي الحمد لله مسجد أبو بكر الصديق في قرية عقربا قضاء نابلس الذي تعرض للحرق على أيدي المستوطنين أول من امس. وقال الحمد لله ان «حكومة الاحتلال لم تحاسب المستوطنين أبداً على إرهابهم وتماديهم، بل أطلقت يدهم، وسمحت لهم بالقتل وحرق الأراضي وحصادها، والاعتداء على أبناء شعبنا وممتلكاتهم وحتى مساجدهم وكنائسهم، بل أن هذه الاعتداءات ترتكب بوجود جيش الاحتلال الإسرائيلي وتحت حمايته ورعايته أيضاً». وقال الحمد لله ان «الحكومة ستعيد ترميم المسجد، كما ستعيد بناء قطاع غزة، وأي جزء يستهدف من أرض الوطن، فعملية البناء والإعمار، محملة بالأمل وإرادة الحياة، ولن تثنينا اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه بل ستزيدنا عزيمة وإصراراً على الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا». وطالب الحمد لله المجتع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني ومنع استهداف مقدساته. وقال: «حق العبادة وممارسة الشعائر الدينية حق طبيعي مقدس في كل الأحوال، وفلسطين التي طالما كانت حامية الأديان والحضارات والثقافات تستحق أن تبقى كذلك، وأن يتم حماية وصون المقدسات على أرضها». ولفت الى ان «إسرائيل تنتهك كل يوم، بممارساتها العنصرية، وباحتلالها ومستوطنيها وجدرانها ومستوطناتها، القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان، وكل ما نزلت به الشرائع السماوية، وتحاول جر المنطقة إلى صراع ديني، لن تنجح في مسعاها، ولن تسقط حقنا التاريخي في أرضنا ومقدساتنا، ولن تكسر إرادة شعبنا في البقاء والصمود حتى الخلاص التام من الاحتلال الإسرائيلي».