صعّدت مجموعات من الثوار الليبيين السابقين ضغطها على المؤتمر الوطني العام لإقرار قانون «العزل السياسي» الذي يستهدف المسؤولين الذين عملوا في النظام السابق. ووسع مؤيدو قانون «العزل» أمس تحرّكهم ضد مؤسسات الدولة، فطوقوا وزارة العدل بعدما كانوا قد حاصروا على مدى الأيام الماضية وزارة الخارجية وهاجموا وزارة المال، للضغط من أجل طرد مسؤولين بذريعة أنهم عملوا مع النظام السابق. ويزيد تحرّك الثوار الضغط على الحكومة الموقتة بقيادة علي زيدان التي تجد نفسها عاجزة عن وقف مجموعات مسلحة من اقتحام وزاراتها. وربما يرتبط هذا العجز بواقع عدم وجود قوة أمنية حكومية قادرة على مواجهة المحتجين الذين ينتمون خصوصاً إلى مدينة مصراتة شرق طرابلس ومنطقتي تاجوراء وسوق الجمعة في ضواحي العاصمة. وحتى لو وجدت مثل هذه القوة الحكومية القادرة على التدخل لفك الحصار عن الوزارات، تخشى حكومة زيدان من أن يقود أي تحرك أمني ضد مجموعات الثوار إلى قتال داخلي غير محمود العواقب، رغم إدراكها أنه لا يمكن ترك الأمور تُدار بقوة السلاح إلى ما لا نهاية، خصوصاً في ظل وجود مؤسسات منتخبة من الشعب. وستتجه الأنظار الآن إلى الجلسة المتوقع أن يعقدها المؤتمر الوطني العام الأحد المقبل، اذ يمكن أن يتم إقرار قانون «العزل السياسي». ولا يحتاج إقرار القانون سوى إلى مئة صوت وصوت واحد (101) من أصل 200 يتألف منها المؤتمر الوطني، وهو أمر لا يُتوقع أن يكون من الصعب تحقيقه في ظل الضغوط المسلحة التي يمارسها الثوار منذ فترة. وكانت وكالة الأنباء الليبية الرسمية افادت بأن «عدداً من مؤيدي قانون العزل السياسي» حاصروا صباحا مبنى وزارة العدل في طرابلس «مطالبين بتطبيق قانون العزل، وتطهير الحكومة الموقتة من أزلام النظام السابق». وأكد المحاصرون الذين كانوا يحملون أسلحة خفيفة وثقيلة «أنهم سيواصلون محاصرة وزارة العدل حتى يتم تطهير الدولة والحكومة من أزلام النظام السابق الذين لا يزالون يشغلون مناصب قيادية». ونقلت الوكالة الليبية عن هؤلاء «أنهم إلى جانب محاصرتهم وزارة العدل، سيستمرون في محاصرة وزارة الخارجية إلى أن تستجيب الحكومة للقرارات المتعلقة بعودة السفراء السابقين التابعين للنظام السابق وتطهير الوزارة من الأزلام، وإيقاف قرارات الإيفاد إلى الخارج التي صدرت أخيراً حتى يتم إبعاد أزلام النظام من قائمة الإيفاد». وكان ضباط شرطة غاضبون اقتحموا الاثنين مقر وزارة الداخلية في طرابلس للمطالبة بزيادات في الأجور والعلاوات. ونقلت «فرانس برس» عن شهود أن عشرات الضباط دخلوا إلى المبنى الواقع على طريق المطار على بعد عشرة كيلومترات من وسط طرابلس وهم يطلقون النار في الهواء. وقال مصدر من أجهزة الأمن: «كان الضباط يريدون فقط إسماع صوتهم لوضع حد للظلم». وذكرت وكالة «رويترز»، من جهتها، أن حدة التوتر بين الحكومة والميليشيات المسلحة ازدادت في الأسابيع القليلة الماضية منذ بدء حملة لإخراج المسلحين من معاقلهم في العاصمة طرابلس. وأشارت الوكالة إلى أنه إذا تم تمرير قانون «العزل السياسي» فقد يتم استبعاد عدد من الوزراء بالإضافة إلى رئيس المؤتمر الوطني محمد المقريف وفق الصياغة التي سيتم إقرارها. وزاد تصاعد الاحتجاجات المسلحة من المخاوف الأمنية في طرابلس حيث تم تفجير السفارة الفرنسية في أول حادث من نوعه في العاصمة الليبية منذ الانتفاضة التي أطاحت حكم القذافي عام 2011. والى الدوحة وصل مساء امس رئيس المؤتمر الوطني الليبي في زيارة لقطر. واجرة المقريف، في المطار، محادثات مع ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تناولت «العلاقات الأخوية» بين البلدين وسبل تطويرها، إضافة إلى قضايا إقليمية ودولية.