تعاني نقابة الصحافيين المصرية أزمة مالية تكاد تعصف بالخدمات المُقدمة لأعضائها بسبب وقف وزارة المال تحويل مستحقات تُقدر بنحو 7 ملايين جنيه مصري (نحو مليون دولار)، ما اعتبره عضو مجلس النقابة جمال فهمي «حرب تجويع» تشنها الحكومة ضد النقابة على خلفية التوجه السياسي للنقيب ضياء رشوان وغالبية أعضاء المجلس. وحقق معارضو جماعة «الإخوان المسلمين» فوزاً ساحقاً في انتخابات النقيب ونصف أعضاء مجلس النقابة التي جرت في آذار (مارس) الماضي، وكان لافتاً أن اختار الصحافيون انتخاب زملائهم الأشد معارضة للرئيس محمد مرسي وجماعته. وألغت مستشفيات ومراكز طبية عدة تعاقداتها مع النقابة الشهر الماضي بسبب عجز النقابة عن سداد المستحقات المالية لتلك المراكز في إطار مشروع العلاج الذي ترعاه النقابة وتدعمه الدولة مادياً. ولم تستطع النقابة سداد معاشات أعضائها المتقاعدين التي تُصرف عادة بداية الثلث الأخير من كل شهر، بواقع 800 جنيه (أقل من 120 دولاراً) شهرياً لكل عضو. وعقد مجلس نقابة الصحافيين اجتماعاً أمس لمناقشة خياراته للخروج من تلك الأزمة بعد أن أظهر صحافيون تذمراً من رفض المستشفيات علاجهم، فضلاً عن تأخر المعاشات. وقاد عضو مجلس الشورى سامح فوزي تحركاً في المجلس الذي يتولى سلطة التشريع موقتاً من أجل الضغط على وزارة المال لصرف تلك المستحقات. وجمع توقيعات أكثر من 20 نائباً ليس بينهم نواب في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، لفتح المناقشة في ذلك الأمر. وقال فوزي ل «الحياة» إن «المشكلة سببها توقف الحكومة الحالية عن دفع زيادة في معاشات الصحافيين كانت قررتها حكومة كمال الجنزوري، فضلاً عن أن ارتفاع نفقات العلاج وتوقف وزارة المال عن دفع مستحقات للنقابة لدعم مشروع العلاج سبب إلغاء غالبية التعاقدات مع النقابة». ولفت إلى أن «إجمالي المتأخرات يبلغ 7 ملايين جنيه، وهو مبلغ زهيد جداً، ولا أرى داعياً لوقف صرفه». ولا يوحي المبلغ الزهيد بأن أسباباً مالية تقف وراء تلك الأزمة، خصوصاً أن نقابة الصحافيين وجهت مخاطبات عدة إلى وزارة المال. وأوضح فوزي أن تلك المبالغ «تُعد التزاماً على الوزارة وليس دعماً إضافياً منها»، لافتاً إلى أن «النقابة تطرح تعديلاً تشريعياً تحقق بموجبه استقلالها المالي تماماً عبر تحصيل 25 في المئة من الدمغة المفروضة على إعلانات الصحف التي تحصل عليها وزارة المال، وفي هذه الحال يمكنها التخلي تماماً عن دعم الدولة. سنتواصل مع اللجنة التشريعية في هذا الشأن». وفي حين يرى عضو مجلس نقابة الصحافيين جمال فهمي أن هذه الأزمة جزء من «حرب تجويع الصحافيين لمعاقبتهم على اختياراتهم»، أكد مسؤول في وزارة المال أن «لا تعنت في هذه الواقعة ولا أبعاد سياسية لها». وقال ل «الحياة»: «نعد تقريراً عن هذا الأمر لعرضه على الوزير». غير أن جمال فهمي أكد أن المشكلة «ليست بيروقراطية وتعتبر إخلالاً بالتزامات قانونية». وقال ل «الحياة»: «الإخوان كعادتهم يمارسون حال سطو على الدولة لا إدارة لها لمصلحة شعبها... هذه حرب تجويع من أحط الأنواع تستهدف أكثر الشرائح ضعفاً من رواد المهنة الكبار المتقاعدين والمرضى لضرب شعبية النقيب ومجلس النقابة»، لافتاً إلى أن «مستشفيات كثيرة ألغت تعاقداتها مع النقابة لتدمير مشروع علاج الصحافيين». وقال إن «النقابة في حاجة إلى 7 ملايين جنيه في شكل عاجل وإلى ما يعادل 10 إلى 15 مليوناً لحل المشكلة لمدة عام كامل، وهو مبلغ زهيد يُصرف على تحركات مرسي لمدة أسبوعين فقط». وأوضح أن النقابة أرسلت عشرات الخطابات إلى كل الجهات بعدما تفاقمت الأزمة المالية، «لكن لا نتلقى ردوداً أو لا يخرج الرد عن المراوغة». واعتبر أن «المشكلة الرئيسة أن نقابة الصحافيين ليست مستقلة مالياً، ودائماً في حاجة إلى دعم الدولة التي تقاوم كل مشاريع القوانين التي تضمن استقلالاً مالياً للنقابة من أجل تطويعها». وأضاف: «بعد الثورة كان يُفترض أن ينتهي هذا الوضع، لكن الإخوان يفضلون إبقاء هذا الوضع ويُنتجون أسوأ ما في عهد مبارك في شكل أشد قسوة... نظام مبارك أوفى بالتزاماته المالية تجاه النقابة حتى حين تولى أمرها مجلس ونقيب معارضون، لكن الإخوان لا يُطيقون المعارضة».