يتبع رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري سياسة تدوير الزوايا في مشاوراته المفتوحة مع الكتل النيابية بحثاً عن قواسم مشتركة يمكن التأسيس عليها لإنتاج قانون انتخاب جديد يدرَج على جدول أعمال الجلسة النيابية المقررة في 15 الجاري لإقراره، وإلا فإن السلطة التشريعية تقترب من الفراغ ما لم يتفق على اقتراح قانون للتمديد للبرلمان. وينطلق بري في مشاوراته هذه المرة من مشروع قانون الانتخاب المختلط الذي أعدته «جبهة النضال الوطني» النيابية والقائم على أساس انتخاب 70 في المئة من النواب وفق النظام الأكثري في مقابل انتخاب 30 في المئة استناداً إلى النظام النسبي. ومع أن بري يتريث حتى الساعة في توجيه الدعوة إلى عقد الجلسة النيابية، فإن تعذر الاتفاق على قانون مختلط في هذه الجلسة سيقود حتماً الى البحث عن مخرج دستوري لتمديد ولاية المجلس، باعتبار أن عامل الوقت لن يسمح بعد هذا التاريخ بإنتاج قانون اللحظة الأخيرة. والتقى بري أمس في مقر الرئاسة الثانية ممثلَي تيار «المستقبل» أحمد فتفت وحزب «الكتائب» سامي الجميل. وعلمت «الحياة» من مصادر نيابية أن بري استمزج رأيهما في الاقتراح الانتخابي الذي تقدمت به «جبهة النضال»، وان الجميل كرر موقف الكتائب المؤيد لقانون انتخاب يقوم على تقسيم لبنان إلى دوائر صغرى باعتبار هذا التقسيم يؤمن صحة التمثيل المسيحي في البرلمان. وأكدت المصادر نفسها أن فتفت أبدى انفتاحاً على اقتراح «جبهة النضال»، ونقلت عنه ان المشاورات قائمة للتوصل إلى اتفاق على قانون مختلط، والبحث لم ينقطع معها. ولفتت إلى أن فتفت رأى أن اقتراح كتلة جنبلاط يشكل قاعدة للبحث في قانون مختلط، وأن كتلة «المستقبل» تتحفظ عما ورد فيه، لجهة تقسيم لبنان الى 13 دائرة انتخابية أسوة بالمشروع الذي أعدته الحكومة وأحالته إلى البرلمان على رغم أنه ينص على اعتماد النظام النسبي. وأوضحت أن كتلة جنبلاط تعترض على تقسيم الدوائر في مشروع الحكومة، إضافة إلى اعتراضها على اعتماد النظام النسبي في الدوائر الانتخابية، وقالت إن فتفت اعترض على هذا التقسيم لأنه يلحق الإجحاف بالبقاعين الأوسط (زحلة) والغربي. ورد بري بان لا مشكلة أمام إعادة النظر في تقسيم الدوائر، ويمكن الأخذ بما لدى هذا الفريق أو ذاك من ملاحظات. فتفت ولجنة التواصل وعاد فتفت - وفق المصادر - إلى تأكيد أن التواصل مستمر بين قوى 14 آذار وتيار «المستقبل» و «جبهة النضال». أما في شأن إمكان دعوة لجنة التواصل النيابية إلى استئناف اجتماعاتها بعدما عُلِّقت بسبب إحجام ممثلَي «حزب الله» النائب علي فياض و «التيار الوطني الحر» النائب ألان عون عن الدخول في نقاش جدي حول قانون الانتخاب المختلط، فإن بري لا يبدي حماسة ما لم يحصل على تعهدات من جميع أعضاء اللجنة بالاستعداد للبحث في المختلط بنداً وحيداً. وأيد فتفت موقف بري من اشتراطه على أعضاء اللجنة توفير الضمانات لإخراج اجتماعاتها من المراوحة وتمرير الوقت، وقال - كما نقلت عنه المصادر- إن لدى «المستقبل» شرطين، الأول يقضي بأن يرأس بري شخصياً اجتماعاتها، والثاني مبادرة جميع الأطراف، وتحديداً «حزب الله» و «التيار الوطني»، إلى إصدار موقف مسبق يؤيدون فيه مبدأ اعتماد المختلط، لأن من غير الجائز لأي طرف المشاركة في لقاءاتها كمستمع ولا يلتزم موقفاً. وفي السياق، زار رئيس «تيار المرده» النائب سليمان فرنجيه في بنشعي، وزير الصحة العامة علي حسن خليل موفداً من بري، يرافقه القيادي في حركة «امل» احمد البعلبكي، وعقد اجتماع في حضور يوسف سعادة وطوني فرنجية والمحامي يوسف فنيانوس، وجرى عرض مراحل تشكيل الحكومة للوصول الى قانون جديد للانتخابات. وقال خليل اثر اللقاء: «أكدنا ضرورة اجراء الانتخابات في موعدها ومواصلة التحرك للوصول الى قانون متوافق عليه من الاطراف ويسمح بإجراء الانتخابات في اقرب وقت». وأشار الى ان البحث تطرق الى «تشكيل الحكومة ونحن متفقون في ما بيننا على ضرورة قيام حكومة لها صفة تمثيلية تعكس ارادة الفريق الذي نمثل قادرة تواجه تحديات المرحلة وتواكب عملية انتاج قانون جديد للانتخابات، خصوصاً ان لقاء سيعقد مع الرئيس المكلف تمام سلام لمتابعة تفاصيل تشكيل الحكومة وقانون الانتخاب». وعن اتهام فريق 8 آذار بعرقلة قيام الحكومة الجديدة، اعتبر خليل ان «هناك وجهة نظر على الرئيس المكلف ان يسميها، وهي بعكس ما يقال تعكس رغبة هذا الفريق بالتعاون وبالنقاش الايجابي المنفتح الذي يوصل الى نتيجة وهدفنا قيام الحكومة، قد يوجد تباين في بعض التفاصيل لكن لا يلغي ارادتنا بقيام افضل تنسيق ودعم للرئيس المكلف». وعن الكشف عن مخطط لمحاولة اغتيال بري، قال ان بري «من خلال دوره الوطني عرضة للتهديدات منذ وقت طويل، ونتعاطى معها بجدية، والعديد من الناس يراهنون على احداث فتن داخلية ومضمون هذه التهديدات والمخططات بتصرف الاجهزة الامنية». وكان قانون الانتخاب محور لقاء بين وزيري الداخلية مروان شربل والشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور أمس، في وزارة الداخلية، ناقشا خلاله الصيغ المتعددة المقترحة للقانون، وإمكان تعديلها بما يتناسب للحصول على توافق وطني في شأنها. وفي السياق، توقع النائب بطرس حرب في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «التمديد التقني للمجلس النيابي سيحصل حتى لو تم الاتفاق على قانون الانتخاب ما يمكّن وزارة الداخلية من أخذ التدابير اللازمة لإجراء الانتخابات». واعتبر «أن عمل بعضهم يتناقض مع قوله إنه يحرص على إجراء الانتخابات في موعدها»، لافتًا إلى «أن هناك مصالح تؤخذ في الاعتبار على حساب حق المواطن في المشاركة في الحياة السياسية». واستبعد النائب سليم سلهب «وجود مؤشرات جدية للوصول إلى قانون انتخابي توافقي قبل 15 الجاري»، مشيراً إلى أنه «في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى ذلك الحين هناك القانون الأرثوذكسي، ويجب التصويت عليه فإما يقر أو يسقط في الهيئة العامة».