رحّبت الحكومة السويسرية بالثورات العربية وسعت في أعقابها إلى توطيد علاقاتها بالعالم العربي. ويعتبر رئيس البرلمان السويسري هانز ألتير إحدى الشخصيات السويسرية البارزة التي تدعم الحرية والاستقرار الأمني والاجتماعي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي حين يخشى بعض الدول الغربية من تنامي نفوذ الأحزاب الإسلامية في المنطقة، خصوصاً في مصر، قال ألتير ل «الحياة» «ان في الثورة المصرية فرصة ذهبية لتبنّي نظام ديموقراطي متكامل وعصري، لكن ذلك لن يكون سهلاً»، وشدد على ان الديموقراطية أفضل السبل للانتعاش الاقتصادي. وأشار إلى ان الشعب المصري «تغلّب على مخاوفه وأصبح أمام خبرات سياسية واقتصادية جديدة، ما يعني ان إرادته ستقتلع الطبقات الشعبية من آلامها وتضعها على درب الأمان». ورأى ان «الربيع العربي» لم يولد لمساعدة الأحزاب الإسلامية في الوصول إلى منافذ سياسية رئيسة، «فهذه الثورة هي صرخة إلى عالم الحرية والخطط الاقتصادية الناجحة وليس إلى عالم عربي جديد يتمثل في الإسلام المتشدّد». ولفت إلى «ان انتقال تونس إلى الديموقراطية سيرضي الجميع إذا ساهمت الأطراف المعنية في حوار معتدل مطلوب لإعادة بناء البلاد»، مشدّداً على ان الحركات الإسلامية هي عامل مهم في تألق ثورات «الربيع العربي»، شرط ان توافق على دعم الأسس الديموقراطية والقانونية المستقبلية. برنامج دعم وكانت سويسرا تبنّت قبل سنة تقريباً برنامجاً لدعم انتقال منطقة شمال إفريقيا من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، ولذلك تقود سويسرا عدداً كبيراً من المشاريع في تونس ومصر وليبيا والمغرب. وأكد ألتير «ان ذلك لا يعني تمويلاً مباشراً للحركات السياسية المعارضة، فحكومة برن تدعم شعوب المنطقة عبر حفز الديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، والمشاركة في تطوير مشاريع اقتصادية تؤمّن فرص عمل جديدة، وضمان الحماية وحق اللجوء السياسي للمضطهدين والمحتاجين». ولفت إلى ان بلاده وضعت 60 مليون فرنك (65.2 مليون دولار) في تصرف دول شمال إفريقيا، وكانت سبّاقة في تجميد أرصدة الشخصيات السياسية التابعة للأنظمة الديكتاتورية في كل من تونس ومصر وليبيا وسورية. واعتبر ما يحصل في سورية «مرعباً»، مجدّداً إدانة بلاده ل «عمليات القتل التي يقودها النظام والتي دفعت سويسرا إلى إغلاق سفارتها في دمشق حتى إشعار آخر». ولفت إلى ان بلاده تدعم الشعب السوري حالياً عبر ممرات المساعدات الإنسانية، إلا ان تمويل المعارضة غير مطروح حتى الآن. وكشف ان سويسرا خصّصت أكثر من خمسة ملايين فرنك للموازنة الخاصة بالمساعدات الإنسانية للشعب السوري منذ اندلاع الثورة العام الماضي، كما ان الحكومة مستعدة لرفع سقف هذه المساعدات إذا دعت الحاجة. أسعار النفط وحول الانعكاسات التي قد تستهدف سويسرا عقب الحظر الأوروبي المفروض على صادرات المنتجات النفطية السورية والإيرانية، أوضح «ان لارتفاع أسعار النفط تداعيات على الاقتصاد السويسري على رغم قوة الفرنك، أما الواردات النفطية الإيرانية إلى سويسرا فلم تمت نظرياً، بل فعلياً، لغياب ممرات تجارية نفطية مربحة بين البلدين، في حين تلتزم سويسرا بالحظر الأوروبي على مبيعات المنتجات النفطية السورية في الأسواق الغربية، إذ ان دور هذه المنتجات لم يكن مهماً أبداً لنا». وفي ما خص الملف النووي الإيراني، أكد ان حكومة برن لم تفقد الأمل بعد في التوسط بين طهران والدول الغربية لإيجاد حل مقبول للجميع، كما تحرك الكثير من المسؤولين السويسريين في جنيف لإحياء لقاءات مع جهات عربية بهدف إعطاء المزيد من الدعم للمفاوضات الإيرانية - الغربية. وأكد ان العلاقات السويسرية - اللبنانية لم ولن تتأثر بالجهة السياسية الحاكمة في بيروت.