وصل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند أمس إلى بكين في زيارة تستغرق 37 ساعة، تركز على أولويتين هما تعزيز الصادرات الفرنسية لخفض العجز التجاري الضخم، وإقامة علاقة شخصية وثيقة مع القيادة الصينية الجديدة. واتضحت الأولويتان منذ الساعات الأولى للزيارة، إذ سيزور هولاند مع وفد من رجال الأعمال الفرنسيين (يضم 60 شخصية)، وقبل مقابلة الرئيس الصيني شي جينبينغ، مصنعاً بنته شركة «برنار كونترولز» الفرنسية قبل أربع سنوات. وهذه الشركة الفرنسية المتوسطة الحجم، المنتجة لمحركات مؤازرة تستعمل في الصناعات النووية والنفطية والغاز، تُعد نموذجاً للشركات التي تريد فرنسا تشجيع انتشارها في الأسواق الخارجية. ويبدأ الجانب السياسي من الزيارة بعد ذلك، باستقبال شي الرئيس الفرنسي رسمياً بكل مراسم زيارة الدولة الأولى، التي يُستقبل فيها رئيس غربي في بكين منذ تولي القيادة الصينية الجديدة مقاليد الحكم. وتحاول هذه القيادة التشديد مرة أخرى على متانة العلاقة التي تربط العاصمتين، على رغم التقلبات المحيطة بها والتوترات الناجمة عن قضية حقوق الإنسان، إذ كانت فرنسا الأولى بين البلدان الغربية في عهد الجنرال ديغول، التي اعترفت بجمهورية الصين الشعبية في 27 كانون الثاني (يناير) عام 1964. وأوضح مصدر فرنسي، أن الهدف هو إقامة «علاقة شخصية وثيقة بينهما»، مؤكداً حرص الطرف الصيني على أن «يضيف إلى البرنامج غداء رئاسياً اليوم». وسيغادر هولاند بكين يرافقه ثمانية وزراء، إلى شنغهاي عاصمة الصين الاقتصادية. وستركز المحادثات على أهمية العلاقة الاقتصادية بمشاركة لا سابق لها لرئيس صيني في منتدى أرباب عمل من البلدين. ويُعتبر عجز فرنسا التجاري مع الصين ضخماً جداً، تفاقمه نتائج التجارة الخارجية، وبلغ نحو 26 بليون يورو العام الماضي أي 40 في المئة من العجز الإجمالي. وتحاول الرئاسة الفرنسية «تدارك الوضع»، وربما تبرم اتفاقات وعقوداً خلال هذه الزيارة ووقع فعلاًِ عقد لشراء 60 طائرة من طراز «آرباص». وفي المجال النووي، يبدو أن الجانبين وقعا رسالتي نوايا، حول بناء مركز معالجة يشبه مركز لاهاغ (غرب فرنسا)، وجزء جديد من محركين نوويين من طراز «إي بي آر» في تايشان (جنوب). ولا يُستبعد أن تحصل شركة «رينو» على الضوء الأخضر من بكين، لبناء مصنع بالاشتراك مع شركة «دونغفينغ» الصينية، لإنتاج 150 ألف سيارة سنوياً في ووهان (وسط). ويُفترض أيضاً إنجاز عقود في قطاعات تعكس تطور نمط الحياة الصيني، لا سيما التنمية العمرانية المستدامة والصناعة الزراعية والصحة والاقتصاد الرقمي. وفي المجال الديبلوماسي، ينوي هولاند مساءلة نظيره الصيني حول تحليله لعودة التوتر في شبه الجزيرة الكورية، لأن بكين تظل حليفة بوينغ يانغ الأساسية. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، عشية الزيارة أن هولاند «سيتطرق أيضاً إلى مسألة حقوق الإنسان»، وسيفعل ذلك «مركزاً على الفاعلية ومن دون استفزاز». وردّ فابيوس في هذا التصريح على مساءلة أمام الجمعية الوطنية، حول عدم احترام بكين الحكم الذاتي في التيبت، في شأن انتحار أكثر من 110 تيبيتيين حرقاً، احتجاجاً على اعتقال حائز نوبل للسلام ليو شياباو.