على مدى شهور مضت بات انعقاد مجلس الوزراء الكويتي كل اثنين موعداً للقلق والترقب، ففي كل جلسة تقريباً هناك قرار بسحب الجنسية من عدد من المواطنين بسبب والحجة «الحصول عليها بالتزوير»، أو «حمل جنسية بلد آخر» في بعض الحالات، أو بسبب «المصلحة العامة»، على ما جاء في البيان الحكومي. وتجاوز عدد الذين أسقطت جنسيتهم المئة، وإسقاط جنسية الابن أو الزوجة يتم لمجرد إسقاط جنسية رب الأسرة. وأبرز الذين أسقطت جنسيتهم النائب الإسلامي السابق عبدالله البرغش الذي سحبت بسببه جنسية 57 من أقربائه بالتبعية، ثم مالك قناة «اليوم» التلفزيونية أحمد الجبر الذي سحبت جنسية 7 من أفراد أسرته. وصدر قرار لاحق بإغلاق هذه القناة وإلغاء ترخيصها، كذلك هناك الإعلامي سعد العجمي، المدير السابق لمكتب قناة «العربية» في الكويت وكان بارزاً في مسيرات وأنشطة وتظاهرات نظمتها المعارضة. وتنتشر عشية جلسة مجلس الوزراء كل أسبوع إشاعات، وتنشر قوائم بأسماء المرشحين لسحب الجنسية، وغالباً ما يبالغ خصوم المعارضة في «ترشيح» أقطابها وناشطيها للقرارات، ولا يترددون في اختلاق معلومات عن اكتشاف «غش وتزوير» في ملف جنسية هذا القطب أو ذاك الناشط. وفي بلد يحقق فيه حمل الجنسية كثيراً من المكاسب المادية والمعنوية وفرص التوظيف والعمل والاستقرار المعيشي يعتبر سحب الجنسية كارثة حقيقة للفرد وأسرته، ففقدان العمل يصبح فورياً وكذلك التعليم المجاني للأطفال والخدمة الصحية وأحياناً السكن إذا حصل عليه الفرد بقرض حكومي، وفي بعض الحالات تسريح ضباط من الخدمة وإبلاغ طلاب يدرسون في الخارج بوقف تمويل دراستهم، وفي كل الأحوال يفقد المسحوبة جنسيته قدرته على الحركة بسبب سحب جواز السفر بل حتى رخصة قيادة السيارة تصبح غير سارية المفعول. ويقول خبير قانوني إن سحب الجنسية «إعدام مدني»، ففي حين يتحول كويتي إلى عديم للجنسية في وطنه فإنه ينضم إلى نحو 100 ألف من «البدون لكن هذا لا يبدو مشكلة الآن في حسابات الحكومة». مصادر الحكومة تقول إن قراراتها تأتي تصويباً لاختلالات في ملف الجنسية ووقفاً للتعديات عليها، وتعيد ذلك إلى «لجنة ثامر» التي شكلت عام 2009 برئاسة الشيخ ثامر الصباح للنظر في حالات الغش والتزوير في الجنسية. لكن المعارضة تؤكد أن القرارات الأخيرة «سياسية بامتياز وكل ما في الأمر أن الحكومة تحشر أسماء المعارضين مع بعض حالات التجاوز التي اكتشفتها لجنة ثامر وتصدر قراراً كل أسبوع أو أسبوعين بسحب الجنسية، ويرى المعارضون أن مسلسل القرارات هدفه تركيع المعارضة وإجبارها على التخلي على حملتها للإصلاح السياسي». ومعلوم أن المعارضة تقاطع الانتخابات منذ 2012 بعدما «انفردت السلطة بتغيير قانون الانتخاب»، ويرفع المعارضون شعار «الحكومة المنتخبة» وهو ما يستدعي تعديلات دستورية ترفضها الأسرة الحاكمة بشدة.