استطاع الفنان محمد عساف توحيد الفلسطينيين الذين يعانون من الاحتلال والانقسام الداخلي، عبر مشاركته في برنامج الهواة «أراب أيدول»، على «إم بي سي»، بخاصة أنه اشتهر محلياً بأغنياته الوطنية، وكان أولها حين كان في الحادية عشرة من عمره بأغنية «شدي حيلك يا بلد»، وتوّجها برائعته التي باتت رمزاً وطنياً «علّي الكوفية». ومع تقدم عساف في البرنامج، ووصوله إلى مرحلة التصويت، انتفض الفلسطينيون لدعمه، ليس كونه ممثلهم الوحيد في البرنامج، بل لكونه صاحب مواقف وطنية مشهود له فيها، ولطالما عبّر عنها في أغنياته. يضاف الى هذا صوته الذي* دفع ال «سوبر ستار» راغب علامة إلى وصفه ب «الصاروخ»، والملحن المصري حسن الشافعي بالقول إنه يستحق لقب «أراب أيدول» بصرف النظر عن النتائج، فيما أشادت به النجمة أحلام التي شبهته بعبدالحليم حافظ ما دفع بعضهم لإطلاق لقب «عندليب فلسطين» عليه، وتحدثت النجمة نانسي عجرم عن صوته وحضوره وثقته بنفسه على المسرح. وفي خضم هذه «الانتفاضة» لدعم عساف، خصصت فضائية فلسطين الرسمية والفضائية الفلسطينية، فقرات دعائية لتشجيع التصويت له بكثافة، فيما لم تغب هذه الدعوات عن الشريطين الإخباريين في القناتين، بينما تصدرت أخباره صدر الصفحات الأولى في الصحف الفلسطينية اليومية، والمواقع الإلكترونية الفلسطينية. وتحقق أغنيات عساف التي قدمها في البرنامج نسب مشاهدة عالية عبر «فايسبوك»، فيما بلغ عدد المنتسبين لحملة دعمه عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» إلى قرابة 22 ألفاً آخذة بالتزايد. وكان وقع نبأ إصابة عساف بوعكة صحية مفاجئة أدخلته قسم العناية الفائقة في أحد مستشفيات بيروت، صادماً لمحبيه في فلسطين والوطن العربي، وهو النبأ الذي انتشر كالنار في الهشيم في كل وسائل الإعلام الفلسطينية، ومن بينها الفضائيات، وسط دعوات الآلاف له بالشفاء العاجل. وفور إعلان تأهله إلى المرحلة النهائية في البرنامج، هو الذي انطلق من القاهرة بعد رحلة استمرت يومين من قطاع غزة المحاصر، كانت الفرحة عنواناً لغالبية «الفايسبوكيين» مساء الجمعة الماضية، قبل أن تنطلق الأخبار العاجلة بهذا «الإنجاز» في المواقع الإلكترونية الإخبارية، وفي الشريط الإخباري للفضائيات الفلسطينية، وعلى صدر الصفحات الأولى للصحف الفلسطينية في اليوم التالي. وما زاد الحماسة لدعم مشوار عساف في البرنامج أغنية «يا رايح ع الديرة» التي قدمها عنواناً لنجاحه، مرتدياً الكوفية الفلسطينية المرقطة بالأبيض والأسود، والشهيرة بكوفية «الختيار» نسبة للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. غنى عساف خلالها لحق العودة، والقدس عاصمة لدولة فلسطين، ولغزة مسقط رأسه ورام الله وعدد من المدن المحتلة في عام 1948، ما اعتبره محبو عساف رداً على عدد قليل من الفلسطينيين يحاولون الاستخفاف بحملات دعمه في المسابقة، ويظهرها وكأنها تتعارض مع الاهتمام بالقضايا الوطنية، حيث انبرى عدد كبير من الصحافيين والإعلاميين والكتاب للرد على هؤلاء، مؤكدين أن عساف «رفع رأس فلسطين ونقل صوتها المهمش إلى العالم العربي بامتياز». أما وسائل الإعلام الإسرائيلية، فوصف بعضها عساف، وفق ترجمات لصحافيين فلسطينيين، ب «الإرهابي»، كونه غنى لحق العودة، والمدن المحتلة عام 1948، ويعتبرونها مدناً إسرائيلية، مذكرين بأنه خرج من غزة التي يرون فيها «منبعاً للإرهاب»، مستهجنين الالتفاف الفلسطيني والعربي حوله، معتبرين ذلك تعبيراً واضحاً لكراهية اليهود وإسرائيل. وكان عساف (23 عاماً)، قال خلال تقديمه لنفسه في البرنامج: «ثمة أسباب عدة دفعتني للمشاركة في برنامج «أراب أيدول»، أولها رغبتي في إيصال صوتي إلى العالم، إذ أرى أن الشعب الفلسطيني يستطيع إيصال قضيته عبر الفن»... وكأن لسان حاله يقول كما كان يتردد الصدى على خلفية «البرومو» الخاص فيه: «فلسطيني أنا تربيت بين كرومها وزيتونها... حلمت وكبر الحلم وصار لازم نعيشه في كل شارع، في كل حارة، وفي كل بيت».