نجت الحكومة الأردنية الجديدة أمس من محاولات لحجب ثقة البرلمان عنها بعد أن تعهدت إجراء تعديل وزاري خلال أيام وترحيل قرار رفع أسعار الكهرباء إلى العام المقبل. وجاءت ثقة النواب بحكومة عبدالله النسور على الحافة بفارق 8 أصوات، اذ قال رئيس البرلمان سعد هايل السرور إن 83 نائباً منحوا الثقة، وحجبها 65، فيما امتنع نائب واحد عن التصويت، وتغيّب آخر. وألزمت تعديلات حديثة على الدستور الأردني، الحكومة نيل 76 صوتاً مؤيداً حتى لا يتم اللجوء إلى تشكيل حكومة ثانية. وانتقد النواب أثناء مناقشة البيان الوزاري، تشكيلة الحكومة التي خلت من أعضاء البرلمان، كما هاجموا سياستها المالية الخاصة برفع أسعار المشتقات النفطية وغلاء المعيشة، معتبرين أن ذلك يضر بالطبقة الفقيرة، ويهدد بقاء الطبقة الوسطى. وكان لافتاً قيام أقطاب مؤثرة داخل الحكم بمحاولة إسقاط رئيس الحكومة لاعتبارات بدت شخصية، فيما قال مساعدون رسميون ل «الحياة» إن جهات فاعلة داخل المؤسسة الأمنية امتنعت، وعلى غير العادة، عن تقديم العون لرئيس الحكومة احتجاجاً على توليفة الوزراء التي لم تُستشر بها، قابله تدخل خفي لدى النواب من مرجعيات عليا داخل المؤسسة السياسية في سبيل إنقاذ حاجز الثقة، وهو ما أكد وجود تباينات حادة داخل الدولة، في خصوص الموقف من الحكومة. وكان لافتاً أيضاً قيام رئيس البرلمان السابق عبدالهادي المجالي، وهو أحد أقطاب الحكم خلال العقدين الماضيين، بحجب الثقة، والحال ذاته بالنسبة الى رئيس البرلمان السابق عبدالكريم الدغمي، إلى جانب النائبين محمود الخرابشة ويحي السعود القريبين من الدوائر الأمنية. وتمكنت الحكومة من الإفلات من أزمة الثقة أيضاً بعد أن نجح رئيسها ليل الاثنين - الثلثاء في إبرام سلسلة صفقات مع بعض الكتل تضمنت إجراء تعديل وزاري فوري بمجرد عودة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يزور الولاياتالمتحدة إلى البلاد، وإرجاء رفع الأسعار إلى العام المقبل، على أن تستنفد الحكومة الوسائل البديلة كافة، ووقف سحب الجنسيات من الأردنيين ذوي الأصول الفلسطينية. وقال النسور في البرلمان: «سأباشر السير بخطوات ملموسة من أجل إجراء تعديل يضمن توزير النواب خلال أيام». وأضاف: «سنعمل على استنفاد الوسائل الممكنة قبل اللجوء إلى قرارات رفع الأسعار، كما سنبذل ما يلزم من جهود قانونية وديبلوماسية لإعادة مقدرات الشعب الأردني وثرواته الوطنية»، في إشارة إلى مؤسسات استثمارية ضخمة كانت تتبع الدولة تم تخصيصها خلال سنوات سابقة. وعن الشأن السوري، جدد النسور تأكيد بلاده إيجاد حل سلمي لإنهاء دوامة العنف لدى جارتها الشمالية. وعلى مدى أسبوع من مناقشة البيان الوزاري داخل البرلمان، أثارت القضية السورية انقساماً عميقاً بين النواب. وقال المعلق السياسي والباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية لدى الجامعة الأردنية محمد أبو رمان ل «الحياة» إن «النتيجة التي حصلت عليها الحكومة متوقعة، لقد كانت هناك معطيات مهمة مكّنت النسور اجتياز الثقة، أهمها تدخل جهات رسمية عند الربع الساعة الأخير لإنقاذه بعد أن جرى تسويقه خارجياً بوصفه رئيساً لحكومة الغالبية، وخياراً يمثل البرلمان». من جهته، قال همام سعيد المراقب العام لجماعة «الإخوان المسلمين»، كبرى الجماعات المعارضة في البلاد، إن «الحركة الإسلامية ليست معنية بنتيجة الثقة ... إنها ترى أن تشكيل الحكومة الحالية كما انتخاب البرلمان، جرى خارج إطار الإصلاح الذي تطالب به». وقد يواجه النسور خلال الفترة المقبلة تحدياً من الجماعة التي بدأت بتفعيل حراكها على الأرض بعد غياب استمر أسابيع. كما قد يواجه تحدياً مماثلاً من النواب الذين حجبوا الثقة، لاسترضاء الشارع المتشكك دوماً من أدوار المؤسسة التشريعية.