لم يشفع الاستيقاظ الصباحي، ولا حتى رحلتا الصباح والمساء، ذهاباً وإياباً إلى مقر عمل، لعلي بارشيد في إحدى الجمعيات الخاصة، ولا حتى جلوسه مدة تقارب الثماني ساعات يومياً، ليطلق على وظيفته التي يشغلها منذ أكثر من عامين «وظيفة رسمية»، تمكنه من بدء إجراءات البحث عن شريكة العمر بعد تجاوز أعوام حياته لربع قرن وعامين حتى الآن، لتكون بمثابة كرسي لانتظار الوظيفة الحكومية الدائمة. مرحلة انتقالية ووظيفة وقتية ضمنتا له الحوافز الوظيفية، وأربعة آلاف ريال تزيد سنوياً بمقدار 5 في المئة، البقاء فيها، على قيد الانتظار صبراً وترقباً لوظيفة حكومية يجد فيها بارشيد ضالته في الأمان الوظيفي والراحة النفسية، حتى وإن قل ما يتقاضاه منها شهرياً عن القطاع الخاص بربع الراتب. علي بارشيد، يرى أن7500 ريال شهرياً، أغلى وأثمن معنوياً من وظيفة في القطاع الخاص تكافئة ب10 آلاف ريال شهرياً، وذلك بسبب الخصوصية السعودية الشبابية المترسخة على ارتباط الأمان الوظيفي بالقطاع الحكومي. الوظيفة الحكومية ترتبط بكل ما يتعلق بحياة علي بارشيد حتى القرارت المصيرية في عمره، فستة آلاف ريال شهرياً بمقدورها أن تمكنه من الارتباط بشريكة حياته، على رغم بدئه في جمع «تحويشة» العمر للزفاف، التي وصلت إلى بحر 30 ألفاً في غضون عامين من الآن. أحلام الفتى ال«عشريني» المؤهل بشهادات للحاسب الآلي والسكرتارية، إضافة إلى 83 في المئة تحصل عليها في ختام حياته الدراسية بصفوف الثانوية العامة في تخصصة الشرعي، لم تشفع له عند نظام «جدارة» للتوظيف الذي دأب على تذكيره بحاله، إلا أن أذن «جدارة» لم تسمع صدى مطالبته حتى الآن. توجهات بارشيد للعمل في الحكومة تتناغم مع حديث المدير العام لصندوق الموارد البشرية إبراهيم آل معيقل خلال الجلسة الثانية من جلسات اليوم الأول ل«منتدى جدة التجاري» أمس، الذي أكد خلاله أن غالبية الموظفين يفضلون العمل في القطاع الحكومي على الخاص، لقلة ساعات العمل وضعف المحاسبة في الجهات الحكومية، ما يبقي على السؤال المُلح حول مدى تقبل الشباب لوظيفة دائمة في القطاع الخاص تضمن له الأمان الوظيفي والاستقرار النفسي.