شرائح الاتصال «مجهولة الهوية»، بعد أن كانت مطلباً للشباب والشابات المعاكسين ليختبئوا خلفها من العقاب بأفعالهم ويفلتوا من المساءلة، أخذ المطلوبون أمنياً والمنتمون إلى الفكر المتشدد يستخدمون الطريقة ذاتها كي يتسنى لهم التواصل في ما بينهم من دون خوف أو وجل من انكشاف هوياتهم أو ملاحقتهم، إذ إن نتيجة البحث عنهم ستعود غالباً إلى هوية «عامل نظافة». وعلى رغم أن وزارة الداخلية ألقت القبض في الشهر الماضي على 88 مطلوباً، وأوردت الوزارة في بيان نشرته عبر وسائل الإعلام، أن هؤلاء المطلوبين اتخذوا شرائح مجهولة الهوية للتواصل في ما بينهم، إلا أن تلك الممارسات لا تزال حاضرة في أسواق الاتصالات بالسعودية، والسبب الرئيس في عودتها غياب الرقيب وتغاضي المواطن عن الإبلاغ عن مصادر بيع الشرائح المجهولة. وفي جولة داخل أزقة وممرات محال الجوالات، رصدت «الحياة» عودة انتشار ظاهرة بيع شرائح الاتصال SIM مسجلة بأسماء عمالة أجنبية وعربية، وتباع بطرق خفية لمن أراد الاختفاء أو ممارسة أي أعمال مخالفة للأنظمة والتعليمات من طريق الهاتف، وراوحت أسعار الشرائح بين 150 و300 ريال، بحسب تميز الرقم. وقال أحد الباعة، معرفاً نفسه بأبي صالح، والذي وضع أجهزة من الجيل القديم واجهة لمحله، إذ إنه لا يتاجر سوى بالأرقام المميزة: «الطلب على الشرائح كبير، والفائدة التي أجنيها من بيع الشريحة قريبة من الفائدة التي تأتي من بيع الجوال»، وشرح أبوصالح طريقة إخراج الأرقام، قائلاً: «أطلب من مجموعة من العمالة إخراج عدد من الشرائح بقيمة مالية تختلف من خمسة إلى 10 ريال في مقابل الشريحة». وأوضح أن سوق بيع الشرائح المجهولة توجد في كل منطقة من المملكة، لافتاً إلى أن موقعها في الرياض من خلال مجمع «المرسلات»، ويتمثل بمجموعة من المحال التي اشتهرت ببيع أجهزة الهواتف المحمولة، إضافة إلى سوق «البطحاء» في الرياض أيضاً. وبدوره، دعا عضو الشوري المتخصص في تقنية المعلومات الأمنية الدكتور فايز الشهري، المواطنين إلى لعب الدور الاجتماعي المناط بهم، من خلال ملاحظة الظاهرة وتوعية العمالة بما يمكن أن يترتب عليهم جرّاء القيام بهذا الفعل. وأكد في حديثه ل«الحياة» أن انتشار الظاهرة يحمل جوانب عدة، أهمها الجانب النظامي والقانوني والذي يقع تحت مظلة إشراف هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والشركات المشغلة، مضيفاً: «هذا النوع من الشرائح يشكل ربحاً عالياً في شركات الاتصالات، وربما غلّبت جانب الربح على جانب المسؤولية الوطنية». وشدد الشهري على فرض آليات ضبط الشرائح، من خلال تحديث البيانات أو الرقابة على بيعها، مؤكداً أنها من الممكن أن تستخدم في الجريمة المنظمة وغسل الأموال وأمور أخرى توظف من خلال هذه الشرائح، مشيراً إلى أن اللجان الأمنية بإمكانها الحد من الآثار السلبية حتى لو كانت بأسماء غير حقيقية. يذكر أن وزارة الداخلية شددت في تعميم إلى إمارات مناطق المملكة، على تطبيق إجراءات صارمة ضد المخالفين في بيع شرائح الاتصالات المجهولة، تصل إلى المساءلة الأمنية، وإغلاق المحل، وإبعاد غير السعودي. وأوضحت وزارة الداخلية أنه يمنع بيع الشرائح مسبقة الدفع بطريقة غير نظامية، أو بيع الأجهزة غير المرخص لها نظامياً، مؤكدة أن كل من يرتكب ذلك يُعد مخالفاً في شكل صريح لنظام الاتصالات الصادر بالمرسوم الملكي، وللتعليمات الصادرة في هذا الشأن. ونصّت العقوبات التي تطبقها الجهات المعنية ضد المخالفين، على مصادرة مواد المخالفة المضبوطة (الشرائح والأجهزة المخالفة)، والمساءلة الأمنية، وإغلاق المحل المخالف، وإبعاد غير السعودي إلى بلاده بعد التحقيق معه والتأكد من عدم وجود أية ملاحظات أو مطالب عليه.