حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من «أي تدخل عسكري» في سورية باعتبار أن ذلك يعزز دور مجموعات قريبة من تنظيم «القاعدة» في أوساط المعارضة، في وقت انتقد الرئيس السوري بشار الأسد دور الأردن في «إدخال آلاف (المقاتلين) مع عتادهم إلى سورية». في غضون ذلك، واصلت قوات النظام قصفها الجوي والصاروخي على مواقع مختلفة في الأراضي السورية، ما أدى إلى مقتل 12 شخصاً بصاروخ أصاب ملجأ في البويضة في ريف حمص وسط البلاد، مع «محاولات مستميتة» للسيطرة على بلدة آبل و «عزل» المعارضة في القصير، تحت غطاء من القصف الجوي. وحصلت اشتباكات عنيفة في أطراف دمشق وفي بلدة خربة غزالة في ريف درعا جنوب البلاد، وسط تكثيف النظام عملياته العسكرية لوقف تقدم مقاتلي المعارضة. وكان وزير الخارجية الروسي أجرى محادثات مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو في إسطنبول أمس قبل يومين من استضافتها «مؤتمر أصدقاء سورية» بمشاركة وزراء وممثلي 11 دولة. وقال لافروف إن «مجموعة أصدقاء سورية» تلعب دوراً «سلبياً» في النزاع السوري. وحذر مجدداً من أي تدخل عسكري في سورية، معتبراً أن ذلك سيعزز موقع المجموعات الإسلامية القريبة من تنظيم «القاعدة» داخل المعارضة السورية. وأضاف: «في نقاشاتنا المقبلة سنحاول تفادي أي إجراء يتعلق بتدخل عسكري وينجم عنه عزل أحد أطراف النزاع»، موضحاً: «أننا سنركز على أرضية حوار تشمل كافة الأطراف». وفيما قال الوزير الروسي إن «ذهاب الرئيس الأسد يجب ألا يكون الأولوية، وإذا كان كذلك فهذا سيؤدي إلى وفاة العديد من الأبرياء»، أوضح داود أوغلو أن «الأزمة السورية تؤثر في شكل كبير على تركيا، وهي مستمرة بسبب عنف النظام»، وأن «على المجتمع الدولي وقف حمام الدم في سورية، ودعم إرادة الشعب السوري»، مشدداً على أن «سورية هي للشعب السوري وليست للرئيس الأسد». من جهته، تحدث الأسد في مقابلة مع محطة «الإخبارية» الحكومية السورية مساء أمس عن «الأردن ودول الجوار» وعن «شبح الطائفية والتقسيم» بحسب بيان إعلامي رسمي بث قبل المقابلة. وانتقد في المقابلة، بحسب مقتطفات منها نشرت على صفحة الرئاسة على موقع «فايسبوك»، دور الأردن، قائلاً: «من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية، في وقت كان الأردن قادراً على وقف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحاً بسيطاً للمقاومة في فلسطين». وقال الأسد: «كما مول الغرب القاعدة في افغانستان في بدايتها، ودفع الثمن غاليا لاحقا... الآن يدعمها في سورية وفي ليبيا وفي اماكن اخرى، وسيدفع الثمن لاحقا في قلب اوروبا وفي قلب الولاياتالمتحدة». ويأتي انتقاد الأردن بعد تحقيق المعارضة المسلحة تقدماً ميدانياً في جنوب سورية بالقرب مع الحدود مع المملكة. وقال الأسد في فيديو بث مسبقاً: «لو لم يكن هناك تفاؤل، لما قاتلنا بالأساس ولما صمدنا»، مشيراً إلى أنه «يستمد» التفاؤل من «عائلات الشهداء» في إشارة إلى قتلى الجيش النظامي. ونقل موقع إلكتروني سوري عنه قوله إن مرحلة «القلق الاستراتيجي» انتهت وأنه «ليست هناك قوة على وجه الأرض قادرة على كسر صمود الجيش العربي السوري». إلى ذلك، توقع ديبلوماسيون أن يتفق وزراء الخارجية الأوروبيين خلال اجتماعهم في بروكسيل الاثنين المقبل، على السماح بشراء النفط من المعارضة المسلحة السورية في محاولة لترجيح كفتها في الصراع. وأوضحت مصادر ديبلوماسية ل «الحياة» أن الحكومات الأوروبية ترمي إلى دعم الحكومة الموقتة التي ينوي «الائتلاف الوطني السوري» المعارض تشكيلها برئاسة غسان هيتو لإدارة «المناطق المحررة» في شمال سورية وشمال غربها، علماً أن هيتو سيقدم تشكيلة حكومته في نهاية الشهر الجاري. وأشارت المصادر إلى أن باريس ولندن تدفعان في اتجاه رفع جميع إجراءات الحظر الأوروبية المفروضة على سورية منذ بداية الثورة في حال لم يجر الاتفاق على رفع حظر تصدير السلاح. وأضافت أن موضوع رفع الحظر عن النفط كان أحد المطالب التي قدمها وفد «الائتلاف» خلال لقائه وزراء أوروبيين في لندن على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة الثماني الأسبوع الماضي. ميدانياً، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «اشتباكات عنيفة» وقعت أمس بين مقاتلي المعارضة وبين القوات النظامية ومسلحين من «اللجان الشعبية المسلحة» الموالية للنظام بعضهم من «حزب الله»، في محيط بلدات ابل والبويضة الشرقية وجوسية وجوبر والضبعة والسلطانية والبرهانية. وأوضح مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن ل «فرانس برس» أن «النظام اعتمد على مقاتلين موالين لحزب الله الشيعي اللبناني لاقتلاع مقاتلي المعارضة في ريف حمص». وأضاف أن «الجيش يحاول عزل مقاتلي المعارضة في القصير من أجل الإجهاز على الثوار في الريف»، مبيناً أن «هذه المنطقة هي نقطة مفتاح لأنها تقع على الطريق الذي يربط دمشق بالساحل السوري». كما قصفت القوات النظامية «من طائرات حربية وبراجمات الصواريخ ريف حمص الجنوبي بمحيط بلدة القصير». وفي نيويورك (الحياة)، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الممثل الخاص المشترك الى سورية الأخضر الإبراهيمي «سيبقى ممثلاً مشتركاً» لكل من الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية، مشيراً الى أنه لم يتلق كتابة استقالة من الإبراهيمي. وقال بان إنه كان مقرراً أن يلتقي الإبراهيمي في نيويورك أمس عشية عقد مجلس الأمن اجتماعين مكثفين حول سورية اليوم وغداً. ورغم أن الامين العام رفض التأكيد بشكل قاطع بأن الإبراهيمي غير متجه نحو الاستقالة، فقد أكد على أهمية الشراكة مع الجامعة العربية في العمل على التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية. وقال أن «الحل السياسي في سورية لا يزال ممكناً وهو الحل الوحيد لوقف سفك الدماء والتوصل الى سورية حرة وديموقراطية»، مشيراً الى أنه سيلتقي الأمين العام للجامعة نبيل العربي في نيويورك. وفي شأن التحقيق في احتمال استخدام أسلحة كيماوية في سورية، دعا بان حكومة دمشق الى التعاون مع لجنة التحقيق والموافقة على إطار عملها «للتحقيق في كل الادعاءات التي قدمتها الدول حول استخدام أسلحة كمياوية»، في إشارة الى رفض دمشق أن تشمل ولاية لجنة التحقيق ادعاءات باستخدام السلاح الكيماوي في حمص ودمشق، الى جانب حلب.