أصدر الرئيس السوري بشار الأسد أمس عفواً عاماً تضمن تخفيف الأحكام عن الجرائم المرتكبة قبل هذا التاريخ عشية عيد الجلاء اليوم. لكن رئيس «الائتلاف الوطني السوري» معاذ الخطيب دعا إلى إطلاق سراح الأبرياء البالغ عددهم 160 ألفاً، وأن يبدأ بإطلاق الأطفال والنساء «خلال أيام معدودة». واعتبر نشطاء العفو «لفتة لا معنى لها من دون الإفراج عن آلاف المعتقلين السياسيين». وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن الأسد أصدر المرسوم التشريعي الرقم 23 القاضي بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل يوم أمس، مع وجود استثناءات وشروط. ونص المرسوم على «العفو عن كامل العقوبة» للجرائم المتعلقة بالدعاية التي ترمي في زمن الحرب إلى «إضعاف الشعور القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية»، ونقل «أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة». كما شمل «كل فعل يقترف بقصد إثارة عصيان مسلح ضد السلطات القائمة»، وفق نص قانون العقوبات المشار إليه في المرسوم. في المقابل، نص المرسوم الرئاسي على «العفو عن ربع العقوبة في الجرائم» المتعلقة ب «المؤامرة التي يقصد منها ارتكاب عمل أو أعمال إرهاب» والتي قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة عشرين سنة، وتلك المتعلقة بإنشاء جمعية «بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي». وشمل العفو كامل العقوبة في حال العلم ب «جرائم إرهابية» والسكوت عنها أو الانضمام إلى «منظمة إرهابية»، بينما يحسم ربع العقوبة في حال «التآمر» لارتكاب مثل هذه الجرائم التي تشمل «إيجاد حال من الذعر بين الناس والإخلال بالأمن والإضرار بالبنى التحتية واستخدام الأسلحة والذخائر وتمويل الإرهاب». ويستثنى المرتكبون فعلياً من العفو. وشمل القرار أيضاً العفو الكامل عن كل من حاز سلاحاً أو ذخيرة على أن «يبادر إلى تسليم السلاح إلى السلطات المختصة خلال 30 يوماً من تاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي». ويستفيد من العفو الرئاسي في شكل كامل «مرتكبو جرائم الفرار الداخلي» أو «الخارجي»، أي العسكريين الفارين داخل البلاد أو خارجها، شرط أن «يسلموا أنفسهم خلال 30 يوماً بالنسبة للفرار الداخلي و90 يوماً بالنسبة للفرار الخارجي»، واستثنى العسكريين الذين ارتكبوا عصياناً ضد مسؤوليهم أو «أخذوا الأسلحة من دون إذن وعملوا خلافاً لأوامر رؤسائهم أو أقدموا على العنف مع استعمال السلاح». ويشمل العفو الرئاسي وفق المرسوم مرتكبي جرائم التهريب شرط تسديد غرامات وتسوية أوضاع، وتستثنى «جرائم تهريب الأسلحة والمخدرات»، كما يشمل جرائم تتعلق بالدعارة والجنح ومخالفات البناء. ونص المرسوم أيضاً على أن «تستبدل عقوبة الإعدام بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة وعقوبة الأشغال المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة الموقتة لمدة 20 عاماً»، بالنسبة إلى جرائم الجنايات. ولن يؤثر العفو في الحق الشخصي. وكان الأسد أصدر مراسيم عفو عدة منذ بداية الثورة استثنت «جرائم الإرهاب». وأصدر في بداية العام الماضي عفواً عن «الجرائم المرتكبة على خلفية الأحداث». وكتب رئيس «الائتلاف الوطني» معاذ الخطيب أمس: «سمعت أن النظام في سورية أصدر عفواً عاماً عن الجرائم. لن أسب النظام ولن أسفّه القرار، لكني أقول ولمصلحة جميع السوريين: نريد قبل العفو عن الجرائم إطلاق سراح الأبرياء وهم أكثر من مئة وستين ألف معتقل وفي مقدمهم النساء والأطفال. إذا حصل هذا فسنقول إنه عربون لحل سوري - سوري». وأردف: «إطلاق سراح جميع النساء والأطفال، يجب أن يحصل خلال أيام معدودة». وقال رئيس «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن إنه «لا يرى ذلك كافياً لأنه لم يشمل السجناء السياسيين». وزاد إن «كثيرين سيسألون ما الفائدة منه إذا كان اعتقال الناشطين السياسيين مستمراً يومياً؟». وأكد انه «لا يزال هناك عشرات الآلاف من المعتقلين ومنهم كثيرون مختفون ببساطة». وقال إن «أشد ما يقلقه توقف الحكومة عن الحديث عن السجناء السياسيين والإفراج عن الكثيرين المحتجزين بالفعل في السجون السورية». ونقلت «سانا» عن وزير العدل نجم حمد الأحمد قوله إن العفو جاء في «إطار التسامح الاجتماعي واللحمة الوطنية ومتطلبات العيش المشترك لمناسبة عيد الجلاء». وتابع أنه يعد من أكثر مراسيم العفو «شمولاً، إذ يتضمن العفو عن الغالبية العظمى من الجرائم بأنواعها المختلفة وبدرجات متفاوتة بدءاً بأشد الجنايات المعاقب عليها بالإعدام والجنح، وانتهاء بالمخالفات البسيطة، إضافة إلى تدابير الإصلاح والرعاية للأحداث في الجنح وملامسته للجوانب الإنسانية في كل موضع ولا سيما المرضى وكبار السن من الملاحقين جزائياً»، إضافة إلى «حمل وحيازة الأسلحة في شكل غير مشروع وجرائم الفرار الداخلي والخارجي».