أفادت مصادر مطلعة أن زعماء الأحزاب السياسية المغربية في الموالاة والمعارضة اجتمعوا أمس في الديوان الملكي في الرباط للبحث في تطورات ملف الصحراء. وتلقت الأوساط الرسمية بانزعاج أنباء تحدثت عن ضغوط لحض مجلس الأمن الدولي على تبني خطة تفيد بإمكان توسيع صلاحيات بعثة «المينورسو» لتشمل رقابة أوضاع حقوق الإنسان في الصحراء. وعلى رغم أن التقرير الأخير للأمين العام للأم المتحدة بان كي مون عرض إلى الحاجة إلى رصد ملف حقوق الإنسان في الصحراء الواقعة تحت نفوذ المغرب ومخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر التي تؤوي المنتمين إلى «بوليساريو»، فإن معطيات تفيد أن جهات أميركية لا تنظر بارتياح كبير إلى دخول فرنسا تحديداً على خط حلحلة الأزمة، في ضوء صدور تصريحات للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند تدعم خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، في حين فُهمت تحركات الموفد الدولي كريستوفر روس الجديدة بأنها أشبه بخطة وساطة بين المغرب والجزائر. وذكرت مصادر رسمية أن المغرب ملتزم التعاون الكامل مع الأممالمتحدة لاستئناف المفاوضات وفق خطة الحكم الذاتي، وأن احترام حقوق الإنسان يندرج في سياق ثوابث أقرها الدستور الجديد الذي صدّق عليه المغاربة في صيف العام 2011. ويأتي الجدل الدائر قبل بضعة أيام من معاودة مجلس الأمن بحث ملف الصحراء، إذ يسود اعتقاد أنه سيجدد لولاية «المينورسو» لسنة جديدة قادمة. على صعيد آخر، قال رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران إن حزبه «العدالة والتنمية» لم يأت إلى الحكومة «طمعاً في السلطة» بل لتنفيذ الإصلاح ومواجهة الاستبداد والحرب على الفساد «الذي لا يمكن الادعاء أنه انتهى»، مؤكداً أن حزبه يحمل مشروعاً متكاملاً بهذا الصدد «يريد من خلاله إصلاح البلاد مع ذوي النيات الحسنة». وقال المسؤول الحكومي الأول إن السياسة «ليست لعباً وزخرفة كلام» بل وفاء وصدق و «بذل الجهود المطلوبة في الإصلاح»، وفي حال الإخفاق في ذلك «يجب قول الحقيقة بكل جرأة». ورأى أن الأزمة الاقتصادية الدولية التي انعكست سلباً على أوضاع بلاده تعتبر من بين العراقيل و «الإصلاح لا يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها». ووصف الانتقادات الموجهة ضد حكومته بأنها « تشويش» لن يثنيه عن المضي قدماً في أجندة الإصلاحات. وقال «ألفنا التشويش»، مضيفاً أن الإنتاج الحقيقي للحكومة بدأ ولن يتوقف، في إشارة إلى انتقادات صدرت من مكوّنات الغالبية الحكومية، بخاصة حزب «الاستقلال». واستدرك بن كيران بالقول إن حكومته في حال «طبيعية» ولم يعد يؤثر عليها التشويش. واعتبرت المصادر كلام رئيس الحكومة أول رد رسمي على تداعيات الأزمة الاقتصادية التي خلّفت ردود أفعال قوية ضد قرار خفض حجم الاستثمارات في الموازنة المالية. واعتبر وزير الشؤون العامة نجيب بوليف، أن الغالبية توصلت إلى أرضية اتفاق حول إصلاح نظام المقاصة الذي يطاول دعم الدولة المواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الزيت والسكر والدقيق. ورأى أن الإصلاح «لن يكون إلا بتقديم دعم للأسر الفقيرة والفئات المعوزة» وأن تصوّر الحكومة يهدف إلى إفادة الفقراء من دعم صندوق المقاصة «بقدر ما يفيد الأغنياء والمقاولين المفروض عدم إفادتهم من الدعم». إلى ذلك، أوضحت المصادر أن اجتماعاً رأسه عبدالإله بن كيران أول من أمس في حضور أعضاء الحكومة، خلص إلى إجراءات لمواجهة الأوضاع الاقتصادية والمالية و «التحكم في عجز الموازنة»، وفي مقدمها العمل على تحسين مداخيل الضريبة وخفض بعض النفقات ودعم الاستثمارات. وأضافت المصادر أنه في حال فرض ضرائب جديدة، فإن ذلك يتطلب تصديق البرلمان. لكن الحكومة تراهن على صلاحيات إجرائية وتنظيمية، بخاصة في ظل التجاذب الحاصل بين مكونات الغالبية التي باتت تتحدث بأصوات مختلفة. وفي إطار متصل، أعلن زعيم «التقدم والاشتراكية» نبيل بن عبدالله -وهو وزير الإسكان- رفض حزبه إلغاء صندوق المقاصة وتحرير الأسعار. ودافع عن حكومة بن كيران قائلاً إنها ليست حكومة محافظة «تواجه معارضة تقدمية» وإنما انبثقت من صناديق الاقتراع، في إشارة صريحة إلى الانتقادات التي يوجهها حليفه السابق «الاتحاد الاشتراكي» الذي اختار المعارضة.